للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ "الفَخْمَةَ" هُنَا: الكَتِيبَةُ، نَصَبَهَا عَلَى الصِّفَةِ لِـ "ذَاتِ جَرْسٍ"، وَنَصَبَ "قُرْدُمَانِيًا" بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ دَلَّ عَلَيْهِ "تُرْتَى بِالْعُرَى"، لأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: "تُرْتَى" عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ احْتَمَلَ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا تَرْتُو دُرُوعُهَا أَوْ تَرْتُو بَيْضَهَا، فَبَيَّنَ الرَّتْوَ الَّذِي أَرَادَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: تَرْتُو قُرْدُمَانِيًا. وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الآخَرِ: (طويل)

لِيُبْكَ يَزِيدَ ضَارِعٌ لِخُصُومَةٍ (١)

لأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: "لِيُبْكَ يَزِيدُ" عَلَى صِيغَةِ مَا لَم يُسَمَّ فَاعِلُهُ احْتَمَلَ أَنْ يُبْكَى لِمَعَانٍ شَتَّى، فَبَيَّنَ المَعْنَى الَّذِي أَرَادَ.

وَذَهَبَ بَعْضُ النَّحْوِيينَ إِلَى أَنَّ "قُرْدَمَانِيًا" مَفْعُولٌ ثَانٍ لـ"تُرْتَى"، لأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: "تُرْتَى بِالعُرَى" فَكَأَنَّهُ قَالَ: تُكْسَ، فَأَجْرَاهُ مُجْرَى الَّتِي تُحْمَلُ عَلَى غَيْرِها لِتَدَاخُلِ مَعَانِيهَا، وَهَذَا بَعِيدٌ عِنْدِي هَا هُنَا، لأنَّهُ إِنَّمَا يَصْلُحُ لَهُ هَذَا التَّأْوِيلُ فِيمَنْ أَرَادَ بِالفَخْمَةِ: الكَتِيبَةَ، وَالكَتِيبَةُ لَا تُوصَفُ بأَنَّهَا تُرْنَى إِنَّمَا تُرْتَى دُرُوعُهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ مَحْذُوفٍ، كَأَنَّهُ: قَالَ تُرْتَى دُرُوعُهَا، ثُمَّ حَذَفَ الدُّرُوعَ وَأَقَامَ الضَّمِيرَ مَقَامَهَا، فَاسْتَتَرَ فِي الْفِعْلِ. فَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَى هَذَا أَنْ تَجْعَلَ "تُرْتَى" بِمَعْنَى تُكْسَرُ، لأَنَّ الدُّرُوعَ لَا تُوصَفُ بِأَنَّهَا تُكْسَى قُرْدُمَانِيًا" (٢).

ع: "الخُصُّ": (البَيْتُ).

وَ"جَلَّلَهُ". غَطَّاهُ وَسَتَرَهُ. وَ"البَارِيءُ": الحَصِيرُ" (٣).


(١) البيت من شواهد النحو الشعرية وعجزه: "ومختبط مما تطيح الطوائح" وفي نسبته اختلاف: قيل: لنهشل بن حري، وابن نهيك النهشلي، وقيل للبيد وليس في ديوانه، ولمزرد بن ضرار وليس في ديوانه، وقيل لضرار بن نهشل يرثي أخاه، والصواب: أنه لنهشل ابن جري وهو في الخصائص: ٢/ ٣٥٣؛ مجاز القرآن: ١/ ٢٤٨، ويروي: "بائس الضراعة". المقتضب: ٣/ ٢٧١، الكتاب: ١/ ١٤٥؛ التصحيف للعسكري: ٢٠٨؛ شرح لامية العجم: ١/ ٤٠٠؛ شرح أبيات سيبويه للنحاس: ١٣٢؛ المحتسب: ١/ ٢٣٠؛ المقاصد: ٢/ ٤٥٤؛ الخزانة: ١/ ٣١٣.
(٢) الاقتضاب: ٣/ ٣١٢ - ٣١٥.
(٣) بيت العجاج الذي أنشده في أدب الكتاب: ٤٩٧، وهو:
كالخص إذا جلله الباري

<<  <  ج: ص:  >  >>