للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُقَالُ: لُذْتُ بِالشَّيْء: إِذَا لَجَأْتُ إِلَيْهِ. وَإِنَّمَا جَازَ اسْتِعْمَالُ "فِي" هَا هُنَا لأَنَّ الْمُرَادَ بِالأُمِّ سَلْمَى، وَإِذَا لَاذُوا بِالجَبَلِ فَقَدْ صَارُوا فِيهِ.

"وَصَدْرُ بَيْتِ الأَعْشَى: (كامل)

رَبِّي كَرِيمٌ لَا يُكَدِّرُ نِعْمَةً (١)

عَنَى بِهِ كِسْرَى. وَكَانَ الْحَارِثُ بنُ وَعْلَةَ (٢) أَغَارَ عَلَى بَعْضِ سَوَادِ كِسْرَى، فَأَخَذَ كِسْرَى قَيْسُ بْنَ مَسْعُودٍ (٣) وَمَنْ وَجَدَ مِنْ بَنِي بَكْرٍ فَحَبَسَهُمْ، فَلِذَلِكَ قَالَ الأَعْشَى هَذَا يَسْتَعْطِفُهُ بِهِ وَيَسْأَلُهُ إِتْمَامَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ، وَأَلَّا يُكَدِّرَهَا بإساءَةِ مَنْ أَسَاءَ مِنْهُمْ.

وَقَوْلُهُ: إِذَا تُنُوشِدَ. (البيت).

يذكِّرُهُ بِمُعَاهَدَتِهِ الَّتِي كَانَ عَاهَدَهُمْ، وَذِمَّتِهِ الَّتِي أَعْطَاهُمْ، فَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ إِذَا حَلَفَ بِمَا فِي كُتُبِ الأَنْبِيَاءِ الْتَزَمَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ لِصِحَّةِ دِينِهِ، وَقَبْلَهُ: (كامل)

قَالَتْ قُتَيْلَةُ: مَا لِجِسْمِكَ شَاحِبًا … وَأَرَى ثِيَابَكَ بِالِيَاتٍ هُمَّدَا (٤)

أَأَذْلَلْتَ نَفْسَكَ بَعْدَ تَكَرُمَةٍ … أم كُنْتَ ذَا عَوَرٍ وَمُنْتَظِرًا غَدًا

أم غَابَ رَبُّكَ فَاعْتَرَتْكَ خَصَاصَةٌ … فَلَعَلَّ رَبَّكَ أَنْ يَعُودَ مُؤَيَّدًا

وَيُقَالُ: نَشَدْتُكَ بِاللهِ، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ وَإِنَّمَا صَلُحَ ذِكْرُ "فِي" هَا هُنَا، لأَنَّهُ إِذَا حَلَفَ بِالمَهَارِقِ (٥) فَإِنَّمَا يَحْلِفُ بِمَا فِيهَا مِنْ كَلَامِ الله تَعَالَى. وَمَعْنَى


(١) أنشده في أدب الكتاب: ٥١٠، وعجزه:
وإذا تنوشد في المهارق أنشدا
(٢) هو الحارث بن وعلة بن عبد الله بن الحارث الجرمي، شاعر جاهلي من الفرسان.
ينظر: الأغاني: ٢٢/ ٢١٦ - ٢٢١؛ الأعلام: ٢/ ١٥٨.
(٣) هو قيس بن مسعود بن قيس بن خالد بن عبد الله ذي الجدين بن شيبان. الموشح: ٣٢٤؛ الأعلام: ٥/ ٢٠٨.
(٤) ديوانه: ٢٧٧ - ٢٧٨؛ المعاني الكبير: ١/ ٥٤٧؛ مجاز القرآن: ١/ ٣١٢، ٢/ ٦؛ السمط: ١/ ١٥٦.
(٥) هي القراطيس. وقيل الصحائف؛ المعرب: ٣٠٣ - ٣٠٤؛ الحيوان: ١/ ٧٠؛ الجمهرة: ٣/ ٤٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>