للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَأَنَّهُ قَالَ: تَدَحْرَجَ عَنْ ذِي سَام الرِّجَالِ، وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ وَأَفْرَدَهُ عَلَى مَعْنَى الجَمْعِ. وَذُو سَامِ الرِّجَالِ: هُوَ البَيْضُ. فَأَدَّى ذَلِكَ مَا يُؤَدِّيهِ قَوْلُهُ: "عَنْ بَيْضِ الرِّجَالِ". وَلَوْ رُوِيَ: "عَنْ ذِي سَامِنَا" بِالنُّونِ، أَوَ "عَنْ بَيْضِنَا" لَكَانَ أجوَدَ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَكْرَهًا.

وَإِنَّمَا أَضَافَ السَّامَ إِلَى الرِّجَالِ وَإِلَى ضَمِيرِهِمْ، وَإِنْ كَانَ السَّامُ إِنَّمَا هُوَ البَيْضُ، لأَنَّهُمُ الَّذِينَ أَذْهَبُوهُ وَزَيَّنُوهُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: عَنِ البَيْضِ الَّذِي أَذْهَبَهُ الرِّجَالَ أَوْ أَذْهَبْنَاهُ، وَقَدْ يُضَافُ الشَّيْءُ إِلَى الشَّيْءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُلَابَسَةِ وَالاتِّصَالِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي﴾ (١)، ولا مَقَامَ الله تَعَالَى وَلَا هُوَ مِنْ صِفَاتِهِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى: مَقَامَهُ عِنْدَهُ.

وَقَدْ رُوِيَ بَيْتُ زُهَيْرٍ: (بسيط)

وَفَارَقَتْكَ بِرَهْنٍ لَا فَكَاكَ لَهُ … يَوْمَ الوَدَاعِ فَأَمْسَى رَهْنُهَا غَلِقَا (٢)

و"الرَّهْنُ" لَيْسَ لَهَا، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى رَهْنُكَ عِنْدَهَا" (٣).

"وَجَازَ ذِكْرُ "عَنْ" هَا هُنَا لأَنَّهُ إِذَا قَالَ: "تَدَحْرَجَ عَلَيْهَا" فَالمَعْنَى: انْتَقَلَ عَنْ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ" (٤).

وَقَوْلُهُ: لَقِحَتْ حَرْبُ وَائِلٍ (٥). (البيت).

"هُوَ لِلْحَارِثِ بن عُبَادٍ (٦). وَصَدْرُهُ: (خفيف)

قَرِّبَا مَرْبِطَ النَّعَامَةِ مِنِّي


= الأغاني: ٧/ ٩٠ بلوغ الأرب: ٣/ ١٢٧.
(١) سورة إبراهيم (١٤): الآية ١٤.
(٢) يمدح هرم بن سنان، ديوانه: ٣٣ العين: ٥/ ٢٨٤
(٣) الاقتضاب: ٣/ ٣٦٣ - ٣٦٤.
(٤) الاقتضاب: ٢/ ٢٨١.
(٥) أنشده ابن قتيبة في أدب الكتاب: ٥١٣. وهو:
قربا مربط النعامة مني … لقحت حرب وائل عن حيال
(٦) هو الحارث بن عباد من ضبيعة بن قيس من تغلب، حكيم جاهلي، كان شجاعًا من السادات. جمهرة الأنساب ٣٠٥؛ الأغاني ٥/ ٤٧؛ نهاية الأرب: ٨/ ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>