للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"التَّنَابُلُ": القِصَارُ. وَاحِدُهُمْ تِنْبَالٌ. وَ"الكُزْمُ": القِصَارُ الأُنُوفِ. وَقِيلَ: هُمْ قِصَارُ الأَصابع، وَاحِدُهُمْ أَكْزَمْ. وَ"الأَنْضِيَةُ": جَمْعُ نَضِيٍّ، وَهُوَ القِدْحُ بِلَا نَصْلِ، فَشَبَّهَ بِهِ الْعُنُقَ" (١).

قَوْلُهُ: "أَيْ: فِي مُلْكِ سُلَيْمَانَ" (٢).

ط: "في" وَ "عَلَى" يَتَداخَلَانِ فِي بَعْضِ المَوَاضِعِ لِتَقَارُبِ مَعْنَاهُمَا، لأَنَّ مَعْنَى "عَلَى": الإِشْرَافُ وَالارْتِفَاعُ وَمَعْنَى "فِي": الوِعَاءُ وَالإِشْتِمَالُ، وَهِيَ خَاصَّةٌ بِالأَمْكِنَةِ، وَمَكَانُ الشَّيْءٍ قَدْ يَكُونُ عَالِيًا مُرْتَفِعًا، وَقَدْ يَكُونُ مُنْسَفِلًا مُنْخَفِضًا. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ اسْتِعْمَالُهُمْ فَوْقَ وَتَحْتَ فِي الظُّرُوفِ. وَأَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى الْعُلُوِّ وَالآخَرُ عَلَى السُّفْلِ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:

بَطَلٌ كَأَنَّ ثِيَابَهُ فِي سَرْحَةٍ (٣)

وَهُوَ يُرِيدُ: "عَلَى سَرْحَةٍ" لأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ "عَلَيْهَا" فَقَدْ صَارَتْ ظَرْفًا لَهَا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ (٤)، فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا البَابِ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا اسْتَعْمَلَهُ هَا هُنَا لأَنَّ مَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ تَقَوَّلُوا عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ. كَمَا يُقَالُ: تَقَوَّلْتُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ. وَنَحْنُ إِنْ شَاءَ الله نَشْرَحُ ذَلِكَ شَرْحًا يَرْفَعُ الإِشْكَالَ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ فِي الكَلَامِ مِنْهُ.

اعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ "عَلَى": العُلُوُّ عَلَى الشَّيْءِ وَإِتْبَانُهُ مِنْ فَوْقِهِ، كَقَوْلِكَ: أَشْرَفْتُ عَلَى الجَبَلِ. ثُمَّ يَعْرِضُ فِيهَا إِشْكَالٌ فِي بَعْضِ مَوَاضِعِهَا الَّتِي تَتَصَرَّفُ فِيهَا، فَيَظُنُّ الضَّعِيفُ فِي هَذِهِ الصِّنَاعَةِ أَنَّهَا قَدْ فَارَقَتْ مَعْنَاهَا. فَمِنْ


(١) الاقتضاب: ٣/ ٣٦٨.
(٢) أدب الكتاب: ٥١٤.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) سورة البقرة: الآية ١٠١؛ أدب الكتّاب: ٥١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>