للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"هُوَ لِسَاعِدَةَ بن جُؤَيَّةَ الهُذَلِيِّ. وَقَبْلَهُ: (طويل)

وَعَاوَدَنِي دِينِي فَبِتُّ كَأَنَّمَا … خِلَالَ ضُلُوعِ الصَّدْرِ شِرْعٌ مُمَدَّدُ (١)

بِأَوْبِ يَدَيْ صَنَّاجَةٍ عِنْدَ مُدْمِنٍ … غَوِيٍّ إِذَا مَا يَنْتَشِرَ يَتَغَرَّدُ

وَلَوْ أَنَّهُ إِذْ حُمَّ مَا كَانَ وَاقِعًا … بِجَانِبِ مَنْ يَحْفَى وَمَنْ يَتَوَدَّدُ

رَثَى بِهَذَا الشِّعْرِ ابن عَمٍّ لَهُ قَتَلَتْهُ قَسْرٌ (٢).

وَقَوْلُهُ: "عَاوَدَنِي دِينِي" أَرَادَ: حَالَهُ الَّتِي كَانَتْ تَعْتَادُهُ. يُقَالُ: مَا زَالَ ذَلِكَ دِينِي وَدَأْبِي وَدَيْدَبُونِي، أَيْ: عَادَتِي وَحَالَتِي. و "الشِّرْعُ": الوَتَرُ. يَقُولُ: كَأَنَّ بَيْنَ أَضْلاعِي غِنَاءَ عُودٍ لِكَثْرَةِ حَنِينِي وَبُكَائِي. وَ "المُدْمِنُ": الَّذِي يُؤْمِنُ شُرْبَ الخَمْرِ وَالغِنَاءِ. وَمَعْنَى "حُمَّ". قُدِّرَ، وَ "يَحْفَى": يَلْطُفُ. يُقَالُ: فُلَانٌ يَحْفَى مَوْقِعُهُ بِفُلَانٍ وَيَحْفَى بِهِ: إِذَا لَطَفَ بِهِ.

يَقُولُ: لَوْ أَصَابَنِي هَذَا الرُّزْءُ بِجَانِبِ مَنْ يَتَحَفَّى بِي وَيَهْتَمُّ بِحَالِي، لَهَانَ عَلَيَّ مَوْقِعُهُ. فَحَذَفَ خَبَرَ "لَوْ" لَمَّا فُهِمَ المَعْنَى. كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾ (٣). وَلَمْ يَقُلْ لَكَانَ هَذَا القُرْآنُ.

وَقَوْلُهُ: "وَلَكِنَّمَا أَهْلِي بِوَادٍ" يَقُولُ: وَلَكِنَّ الَّذِي يُعَظِّمُ مُصَابِي أَنَّ أَهْلِي بِوَادٍ لَا أَنيسَ بهِ إِلَّا السِّباعُ الَّتِي تَطْلُبُ النَّاسَ لِتَأْكُلَهُمْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَوَاحِدًا وَاحِدًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ السِّبَاعَ بِأَعْيَانِهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ قَوْمًا بِمَنْزِلَةِ السِّبَاعِ" (٤).

ع: "مَثْنَى وَمَوْحَدٌ": صِفَةٌ لِذِئابٍ (٥).


(١) الشعر في ديوان الهذليين: ١/ ٢٣٦ - ٢٣٧؛ المقاصد النحوية: ٤/ ٣٥٠؛ شرح شواهد المغني: ٩٤٢؛ شرح أبيات مغني اللبيب: ٨/ ١٤ - ١٥؛ ويروى البيت الأخير "إذا كان ما حم"؛ شرح الجواليقي: ٢٨٩، ويروى: "ولو أنه إذا كان ما خم واقعا".
(٢) قسر: قبيلة عظيمة، وفيها بطون كثيرة؛ نهاية الأرب: ٢/ ٣١٠؛ معجم قبائل العرب: ٣/ ٩٥٣.
(٣) سورة الرعد (١٣): الآية ٣٠.
(٤) الاقتضاب: ٣/ ٤١٥.
(٥) شرح الجواليقي: ٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>