للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِجَانَانِ. فَالتَّثْنِيَةُ دَلِيلٌ فِي هَذَا النَّحْوِ. وَمَعْنَى دِلَاصٍ: لَيِّنٌ مَسُّهَا بَرَّاقَةٌ" (١).

قَوْلُهُ: أَوْلَادُ قَوْمٍ (٢). (البيت).

ط: "هُوَ جَرِيرٌ مِنْ شِعْرٍ يَهْجُو بِهِ سَلِيطًا (٣). وَهُوَ:

إِنَّ سَلِيطًا فِي الخَسَارِ إِنَّهْ (٤)

أَوْلَادُ قَوْمٍ خُلِقُوا أَقِنَهْ

لَا تُوعِدُوَّنِي يَا بَنِي المُصِنَّهْ

قَوْلُهُ: "إِنَّهُ" يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ "إِنَّ" الَّتِي لِلتَّأْكِيدِ؛ كَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّ سَلِيطًا فِي الخَسَارِ إِنَّ سَلِيطًا فِي الخَسَارِ، فَحَذَفَ الجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ لِدَلَالَةِ الأُولَى عَلَيْهَا، وَاقْتَصَرَ عَلَى "إِنَّ" وَزَادَ عَلَيْهَا هَاءَ السَّكْتِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ "إِنَّ" الَّتِي بِمَعْنَى "نَعَمْ" وَالهَاءُ لِلسَّكْتِ أَيْضًا. كَأَنَّهُ قَالَ: نَعَمْ إِنَّهُمْ فِي الخَسَارِ.

وَجَمَعَ "قِنَّا" عَلَى أَقِنَّةٍ وَ "فِعْلٌ" لَا يُجْمَعُ عَلَى "أَفْعِلَةٍ". وَالوَجْهُ فِيهِ: أَنَّ "فِعْلًا" كَانَ يُشَارِكُ "فعالًا" المَكْسُورَ الفَاءِ فَيَتَعَاقَبَانِ عَلَى المَعْنَى الوَاحِدِ. كَقَوْلِهِمْ: دِبْعٌ وَدِبَاغٌ، وَصِبْغٌ وَصِبَاغٌ. وَكَانَ يُشَارِكُ أَيْضًا "فَعَالًا" المَفْتُوحَ الفَاءِ: فِي نَحْوِ قَوْلِهِمْ: حِلٌّ وَحَلَالٌ، وَحِرْمٌ وَحَرَامٌ. وَكَانَ "فِعَالٌ" و "فَعَالٌ" يَجْتَمِعانِ عَلَى "أَفْعِلَةٍ"، فَحَمْلَ "فِعْلًا" مَحْمَلَهَا. كَمَا أَدْخَلُوا "فَعْلًا" السَّاكِنَ العَيْنِ عَلَى "فَعَلٍ" المَفْتُوحَ العَيْنِ فِي الجَمْعِ حِينَ تَعَاقَبَا عَلَى الْمَعْنَى الوَاحِدِ فِي قَوْلِهِمْ: شَعْرٌ وَشَعَرٌ وَنَحْوِهِ. فَقَالُوا: فَرْخٌ وَأَفْرَاخٌ، وَالقِيَاسُ: أَفْرُخٌ. وَقَالُوا: جَبَلٌ، وَالقِيَاسُ أَجْبَالٌ.

وَ "المُصِنَّةُ" هَا هُنَا: المُنْتِنَةُ، وَالمُصِنَّةُ أَيْضًا: الشَّامِخَةُ بِأَنْفِهَا تَكَبُّرًا" (٥).


(١) الكتاب: ٣/ ٦٣٩ - ٦٤٠ باب تكسيرك من الصفات عدد أحرفه أربعة أحرف.
(٢) أنشده ابن قتيبة لجرير في أدب الكتّاب: ٦١٩ وتمامه: ( … خلقوا أقنه).
(٣) سليط بن رباح بن يربوع؛ النقائض: ١/ ٤.
(٤) الشعر لجرير في شرح الديوان: ٥٩٨؛ النقائض: ١/ ٤؛ الاقتضاب: ٤/ ٤٣٥.
(٥) الاقتضاب: ٣/ ٤٣٥ - ٤٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>