للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ قِيلَ: "حُسْنُ الْخَطِّ إِحْدَى الْبَلاغَتَيْنِ، وَرَدَاءَةُ الْخَطِّ إِحْدَى الزَّمَانَتَيْنِ" (١).

وَقَالَ إِقْلِيدَسُ (٢): "الْخَطُّ هَنْدَسَةٌ رُوحَانِيّةٌ ظَهَرَتْ جَسَدَانِيّةً بِآلَةٍ جِسْمَانِيّةٍ" (٣).

وَكَذَلِكَ قوله: "وَأَعْلَى مَنَازِلِ أَدِيبِنَا أَنْ يَقُولَ مِنَ الشِّعْرِ أَبيَاتًا" (٤):

هَذَا أَيْضًا، إِذَا اعْتَقَدَهُ أَفْضَلَ مَرَاتِبِهِ وَأَعْلَى مَنَازِلِهِ، فَأَمَّا مَنْ كَانَتْ لَهُ آدَابٌ وَفَضَائِلُ وكان الشِّعْرُ بَعْضَ حُلَاهُ، وَلَمْ يَتَّخِذْهُ مَكْسَبًا وَصِنَاعَةً، وَلَا رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ حِرْفَةً وَبِضَاعَةً فَإِنَّهُ زَائِدٌ فِي جَلَالَةِ قَدْرِهِ وَنَبَاهَةِ ذِكْرِهِ. وَالْأَدَبُ غَرَضٌ أَدْنَى وَغَرَضٌ أَقْصَى، فَالْأَدْنَى أَنْ يَحْصُلَ لِلْمُتَأَدِّبِ بِالنَّظَرِ فِي الْأَدَبِ قُوَّةٌ يَقْدِرُ بِهَا عَلَى النَّظْمِ وَالنَّثْرِ. وَالْأَقْصَى أَنْ يَحْصُلَ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى فَهْمِ "كِتَابِ اللهِ تَعَالَى"، وَكَلَامِ رَسُولِهِ وَصَحَابَتِهِ، وَيَعْلَمَ كَيْفَ تُبْنَى الْأَلْفَاظُ الْوَارِدَةُ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، حَتَّى يَسْتَنْبِطَ مِنْهَا الْأَحْكَامَ وَيُفَرِّعَ الْفُرُوعَ وَيُنَتِّجَ النَّتَائِجَ وَيَقْرُنَ الْقَرَائِنَ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ مَبَانِي كَلَامِ الْعَرَبِ، كَمَا يَفْعَلُ أَصْحَابُ الْأُصُولِ. وَفِي الْأَدَبِ لِمَنْ حَصَلَ فِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ أَعْظَمُ مَعُونَةٍ عَلَى فَهْمِ الْكَلَامِ، وَكَثِيرٍ مِنَ الْعُلُومِ النَّظَرِيَّةِ.

وَأُبَيَّاتٌ: تَصْغِيرُ أَبْيَاتٍ، وَيُرْوَى أَبْيَاتًا عَلَى التَّكْثِيرِ، وَالتَّصْغِيرُ أَشْبَهُ بِغَرَضِهِ الَّذِي قَصَدَهُ فِي ذَمِّ الْمُتَأَدِّبِينَ، وَالْمُرَادُ بِتَصْغِيرِ الْجَمْعِ تَقْلِيلُ عَدَدِهِ.

وَالْقَيْنَةُ (٥): الْمُغَنِّيَةُ، وَقِيل: إِنَّهُ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى كُلِّ أَمَةٍ مُغَنِّيَةٍ كَانَتْ أَوْ غَيْرِ مُغَنِّيَةٍ.


(١) شرح الجواليقي لأدب الكتاب: ٦٢.
(٢) إقليدس بن نوقطرس بن برنيقس، فيلسوف رياضي، أول من أظهر الهندسة. له كتب كثيرة ترجم وشرح بعضها. الفهرست: ٣٨٥؛ الملل والنحل: ٣/ ٣١.
(٣) الملل والنحل: ٣/ ٣١.
(٤) أدب الكتاب: ٦. أبياتًا.
(٥) أدب الكتاب: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>