للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ر: وإذا ارْتَفَعَ الاِسْمُ بَعْدَ "إِذَا" فَإِنَّمَا يَرْتَفِعُ عَلَى تَقْدِيرِ فِعْلٍ، وَلَا يَكُونُ بَعْدَهَا الاِبْتِدَاءُ والخَبرُ، كقوله تعالى: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١)(١). وإنما قُدِّرَ الْفِعْلُ بَعْدَهَا؛ لأَنَّ مَعْنَى الْجَزَاءِ مَوْجُودٌ فِيهَا. ولا يكون إِلَّا بِالْفِعْلِ، والعامِلُ فِي "إِذَا" على هذا الْفِعْلُ الْمُقَدَّرُ، ولا يجوز أن يَعْمَل فِيهَا الظَّاهِرُ لأَنَّهُ تَفْسِيرٌ، والتَّفْسِيرُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ كَالمُلْغَى إِذْ لا مَوْضِعَ لَهُ من الإِعْرَابِ.

ط: "وَأَمَّا حُرُوفُ الْجَرِّ المذكورَةُ فِي هَذَا الشِّعْرِ فَمِنْهَا مَا لَهُ مَوْضِعٌ مِنَ الْإِعْرَابِ وَمِنْهَا مَا لَا مَوْضِعَ لَهُ، وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِظَاهِرٍ، وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِمُضْمَرٍ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ كُلَّ حَرْفِ جَرٍّ وَقَعَ خَبَرًا، أَوْ صِفَةً، أَوْ صِلَةً، أَوْ حَالًا فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ أَبْدًا بِمَحْذُوفٍ.

وَمَا نَابَ مِنْهَا مَنَابَ صِفَةٍ أَوْ خَبَرٍ أَوْ حَالٍ، قِيْلَ فِيهِ: إِنَّ لَهُ مَوْضِعًا مِنَ الْإِعْرَابِ، وَمَا عَدَا هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِظَاهِرٍ أَوْ مَا هُوَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ.

وَلَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّ لَهُ مَوْضِعًا، فَقَوْلُهُ: "مِنْ تَمِيمٍ" "مِنْ" هاهنا لَهَا مَوْضِعٌ لأَنَّهَا وَقَعَتْ مَوْقِعَ الصِّفَةِ، والتقدير "مَيْتٌ كَائِنٌ مِنْ تَمِيمٍ"، فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالصِّفَةِ الْمَحْذُوفَةِ الَّتِي قَامَتْ مَقَامَهَا.

وَسَائِرَ حُرُوفِ الجَرِّ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الشِّعْرِ لَا مَوْضِعَ لَهَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ منها مُتَعَلِّقٌ بِالظَّاهِرِ، فَالْبَاءُ في قوله: "بِزَادٍ" متعلقة بجِئْ، و"فِي" مُتَعَلِّقَةٌ "بِالْمُلَفَّفِ واللَّام في قوله: "لِيَأْكُل" متعلقة "بيُطَوِّفُ وأَمَّا الْبَاءُ في قوله: "بِخُبْزٍ" أَوْ "بِتَمْرٍ" ففيها خلاف؛ لأن "خبزًا" هاهنا بَدَلٌ من زَادٍ، أُعِيدَ معه حَرْفُ الْجَرِّ كما أعيد في قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ﴾ (٢). وَكَإِعَادَتِهِ في قول الشاعر: (طويل)


(١) سورة التكوير (٨١): الآية ١.
(٢) سورة الأعراف (٧): الآية ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>