للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ صَادَ جَمِيعَ الصَّيْدِ. وَقَدْ أَكْثَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، قَالَ أَبُو نُوَاسٍ (١): (مجزوء البسيط)

وَلَيْسَ لِلّهِ بِمُسْتَنْكِرٍ … أَنْ يَجْمَعَ الْعَالَمَ فِي وَاحِدِ (٢)

وَقَالَ أَبُو عُبَادَةَ الْبُحْتُرِيُّ (٣): (طويل)

وَلَمْ أَرَ أَمْثَالَ الرِّجَالِ تَفَاوَتُوا … إِلَى الْمَجْدِ حَتَّى عُدَّ أَلْفٌ بِوَاحِدِ (٤)

وَأَخَذَهُ أَبُو الطَّيِّبَ فَقَالَ: (طويل)

مَضَى وَبَنُوهُ وَانْفَرَدْتَ بِفَضْلِهِمْ … وَأَلْفٌ إِذَا مَا جُمِّعَتْ وَاحِدًا فَرْدُ (٥)

وقوله: "وَعَلَى هَذَا الْابْتِدَاءِ خُوطِبُوا فِي الْجَوَابِ" (٦).

يُرِيدُ أَنَّ الرَّجُلَ يُخَاطَبُ عَلَى حَسَبِ مَا يُخْبِرُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِذَا كَانَ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ: "نَحْنُ فَعَلْنَا" قِيلَ لَهُ فِي الْمُخَاطَبَةِ: "أَنْتُمْ فَعَلْتُم"، وَإِذَا كَانَ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ: "أَنَا فَعَلْتُ" قِيلَ لَهُ فِي الْمُخَاطَبَةِ: "أَنْتَ فَعَلْتَ"، وَلَمَا كَانَ الله ﷿ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ بِإِخْبَارِ الْجَمَاعَةِ فَيَقُولُ: ﴿نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ﴾ (٧) و ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ (٨) خَاطَبَهُ الْكَافِرُ بِمُخَاطَبَةِ الْجَمَاعَةِ فَقَالَ:


(١) الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن صباح الحكمي بالولاء، أبو نواس، شاعر العراق في عصره ولد في الأهواز سنة (١٤٦ هـ) ونشأ بالبصرة، وتوفي سنة (١٩٨ هـ). تاريخ بغداد: ٧/ ٣٦٤؛ تهذيب ابن عساكر: ٤/ ٢٥٤؛ الوفيات: ١/ ١٣٥؛ الخزانة: ١/ ٣٧٤؛ الأعلام: ٢/ ٢٢٥.
(٢) ديوانه: ٣٤٩؛ الحماسة البصرية: ١/ ٦٠٦؛ زهر الآداب: ٢/ ٢٦٣؛ الصناعتين: ٢١٦.
(٣) الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي، أبو عبادة البحتري، شاعر كبير، ولد بمنبج سنة (٢٠٦ هـ) وتوفي بها سنة (٢٨٤ هـ)، له ديوان شعر.
(٤) ديوانه: ١/ ٦٥، روايته: تَفَاوَتَتْ - إِلَى الْفَضْلِ.
(٥) ديوانه: ١/ ٣٨١.
(٦) أدب الكتاب: ١٨.
(٧) سورة الحجر (١٥): الآية ٩.
(٨) سورة يوسف (١٢): الآية ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>