للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُرْوَى: مَا أَكَلَّتْ رِكَابَهَا: أَنَّثَ عَلَى مَعْنَى الْحَالِ، أَيْ الْحَالَ الَّتِي أَكَلَّتْ رِكَابَهَا أَوِ الْمَشَقَّةَ، وَجَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ "مَا" تَقَعُ عَلَى الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِضَمِيرِهَا الْعَائِدِ عَلَيْهَا أَوْ بِغَيْرِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَحْوَى الْكَلَامِ، وَيُرْوَى: وَقَالَ الْمُنَادِي وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَالْمُنَادِي مَخْفُوضٌ بِإِضَافَةِ الْمَقَالِ إِلَيْهِ، وَ"أَصْبَحَ" هَاهُنَا لَا خَبَرَ لَهَا لأَنَّ مَعْنَاهَا "دَخَلُوا فِي الصَّبَاحِ" كَمَا يُقَالُ: أَظْلَمَ الْقَوْمُ وَأَمْسَوْا، إِذَا دَخَلُوا فِي الظَّلَامِ وَالْمَسَاءِ، وَ"مَا" فِي الْبَيْتِ مَوْصُولَةٌ بِمَعْنَى "الَّذِي"، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمَصْدَرِيَّةَ كَقَوْلِكَ: "أَعْجَبَنِي مَا صَنَعْتَ" لِأَنَّ فِي "أَكَلَّ" ضَمِيرٌ يَرْجِعُ إِلَى "مَا"، وَ"مَا" الْمَصْدَرِيَّة حَرْفٌ لَا يَعُودُ إِلَيْهَا مِنْ صِلَتِهَا ضَمِيرٌ كَمَا لَا يَعُودُ إِلَى "أَنْ" الْمَوْصُولَةُ إِذَا قُلْتَ: "أَعْجَبَنِي أَنْ تَقُومَ" (١).

ع: وَيُرْوَى رِكَابُهَا بِالرَّفْعِ، فَتَكُونُ الْمَصْدَرِيَّةَ.

وَقَالَ الْبَكْرِيُّ: "رَوَى أَبُو حَاتِمٍ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ: مَا أَكَلَّ رِكَابَهَا، بِضَمِّ الْبَاءِ، وَمَا أَكَلَّتْ رِكَابَهَا بِالضَّمِّ أَيْضًا وَمَعْنَاهُ: مَا دَخَلَتْ رِكَابُهَا فِي الْكَلَالِ، فَتَكُونُ "مَا" الظَّرْفِيَّة" (٢).

ط: "وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْمَعَانِي في هَذَا الْبَيْتِ إِنَّهُ يَصِفُ نَاقَةً وَذَلِكَ غَلَطٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبْلَهُ:

أَلَا أَدْلَجَتْ مِنْ غَيْرِ مُدْلِجٍ … هَوَى نَفْسِهَا إِذْ أَدْلَجَتْ لَمْ تُعَرِّجِ

وَكَيْفَ أُرَجِّيهَا وَقَدْ حَالَ دُونَها … بَنُو الْهَوْنِ مِنْ جَسْرٍ وَرَهْطُ ابْنِ حُنْدُجِ

تَحُلُّ شَجًّا أَوْ تَجْعَلُ الشَّرْعَ دُونَهَا … وَأَهْلِي بِأَطْرَافِ اللِّوَا فَالْمُؤَثَّجِ" (٣)


(١) الاقتضاب: ٣/ ٣٦.
(٢) اللآلئ للبكري: ٢/ ٢٩٤؛ الأمالي: ٢/ ٥٩.
(٣) ديوانه: ٧٨ - ٧٩ ورواية الأبيات:
أَلَا أدْلَجَتْ لِيْلَاكَ. . . … وَكَيْفَ تَلَاقِيهَا وَقَدْ. . .
.. أَوْ جَسْرٌ. . تَحُلُّ سَجَا. . الْغَيْلُ ..

<<  <  ج: ص:  >  >>