للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَلُّومُ لَوْ أَصْبَحْتِ وَسْطَ الْأَعْجَمِ

فِي الرُّومِ أَوْ فِي فَارِسٍ وَالدَّيْلَمِ

إِذًا لَزُرْنَاكِ وَلَوْ لَمْ نَسْلَمِ (١)

وَهَذَا الْبَيْتُ يُصَحِّفُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَيَرْوُونَهُ (٢): "وَلَوْ بِسُلَّمِ" وَلَا وَجْهَ لَهُ لأنَّ السُّلَّمَ لا يُسْتَعْمَلُ فِي قَطْعِ الْمَسَافَاتِ، إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي صُعُودِ الْعَلَالِي الْمُشْرِفَةِ وَالْمَوَاضِعِ الْمُرْتَفِعَةِ، وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ لِصَاحِبِهِ: لَوْ كُنْتَ بِبَغْدَادَ لَنَهَضْتُ إلَيْكَ وَلَوْ بِسُلَّمِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْنَى.

وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ السُّلَّمُ بِمَعْنَى السَّبَبِ وَلَيْسَ لَهُ هُنَا أَيْضًا وَجْهٌ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ بِغَيْرِ سُلَّمٍ؛ أَيْ بِغَيْرِ سَبَبٍ يُوجِبُ النُّهُوضَ. وَمِمَّا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْأَعْجَمُ بِمَعْنَى الْعَجَمِ قَوْلُ الشَّاعِرِ: (بسيط)

مِمَّا تُعَتِّقُهُ مُلُوكُ الْأَعْجَمِ (٣) " (٤)

ع: "وَلَوْ بِسُلَّمِ" رَوَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ وَقَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمَا، وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنَّهُ كَنَّى بِالسُّلَّمِ عَنْ عُلُوِّ مَكَانِهَا كَمَا قَالَ الْآخَرُ أَنْشَدَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَغَيْرُهُ: (رجز)

رَبَّهُ مِحْرَابٍ إِذَا جِئْتُهَا لَمْ … أَدْنُ حَتَّى أَرْتَقِي سُلَّمَا (٥)

الْمِحْرَابُ: الْغُرْفَةُ هُنَا، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ﴾ (٦) وَالتَّسَوُّرُ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، وَالتَّقْدِيرُ وَلَوْ صَعِدْنَا إِلَيْكَ بِسُلَّمٍ أَوْ ارْتَقَيْنَا فَحَذَفَ هَذَا الْفِعْلَ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ.


(١) الأبيات في: الأغاني: ٢٠/ ٣٧٧، ل (عجم) والديلم: اسم ماء لبني عبس، وقيل: حياض في الغور، معجم البلدان: ٢/ ٥٤٤.
(٢) في الأصل (خ): "فيرونه"، والصواب "فيروونه"، من الاقتضاب: ٢/ ٢٧.
(٣) في الأصل (خ): تُعَيِّقُهُ وفي الاقتضاب: ٢/ ٢٧ - ٢٨ مما تعتقه.
(٤) الاقتضاب: ٢/ ٢٨.
(٥) البيت لوضاح اليمن في: ل (حرب) روايته: لم أدن.
(٦) سورة ص (٣٨): الآية ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>