للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْحَدِيثِ: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللهِ فَتَعَلَّمُوا مِنْ مَأْدُبَتِهِ) (١)، فِي تَفْسِيرِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنَ الْأَدَبِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ صَنِيعَةٌ صَنَعَهَا ﷿ لِأَوْلِيَائِهِ.

قوله: (بسيط)

نَحْنُ فِي الْمَشْتَاةِ (٢)

ط: "الْمَشْتَاةُ: زَمَنُ الشِّتَاءِ، وَخَصَّهُ لأَنَّهُ زَمَنُ الضَّيْقِ وَالشِّدَّةِ، وَالْآدِبُ: صَاحِبُ الْمَأْدُبَةِ، وَيَنتَقِرُ: يَخُصُّ بِدَعْوَتِهِ، يُقَالُ: انْتَقَرَ انْتِقَارًا، وَهُوَ مِنَ الْأَفْعَالِ الَّتِي لَمْ تُسْتَعْمَلْ إِلَّا بِالزِّيَادَةِ.

وَالْجَفَلَى: مَصْدَرٌ مِنَ الْمَصَادِرِ الدَّالَّةِ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ، وَحَقِيقَتُهُ أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: الدَّعْوَةُ الْجَفَلَى، فَحَذَفَ الْمَصْدَر وَقَامَتْ صِفَتُهُ مَقَامه، وَالْمَصَادِرُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا الْمَصْدَرُ الدَّالُ عَلَى نَوْعِ الْفِعْلِ مُجَرَّدًا مِنَ الْكَمِيَّةِ وَالْكَيْفِيَّةِ كَقَوْلِكَ: ضَرَبْتُهُ ضَرْبًا، وَقَتْلْتُهُ قَتْلًا، وَالثَّانِي: الْمَصْدَرُ الدَّالُّ عَلَى الْمِقْدَارِ كَقَلأحلِكَ: ضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً، وَضَرَبْتُهُ ضَرْبَتَيْنِ، وَالثَّالِثُ: الْمَصْدَرُ الدَّالُّ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ وَالْهَيْأَةِ كَقَوْلِكَ: قَعَدَ قَعْدَةً حَسَنَةً، وَقَعَدَ الْقُرْفُصَاءَ وَدَعَاهُمُ الْجَفَلَى، وَالرَّابِعُ: الْمَصْدَرُ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْتَّمْثِيلُ وَالتَّشْبِيهُ كَقَوْلِكَ: ضَرَبْتُهُ ضَرْبَ الْأَمِيرِ اللِّصَّ. وَيُرْوَى الْحَفَلَى بِالْحَاءِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ كَأَنَّهُ مِنَ الْاِحْتِفَالِ، ذَكَرَ ذَلِكَ كُرَاعٌ.

وَقَوْلُهُ: نَحْنُ فِي الْمَشْتَاةِ نَدْعُو، فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ تَقْدِيرُهُ نَحْنُ نَدْعُو الْجَفَلَى فِي الْمَشْتَاةِ، فَنَدْعُو: خَبَرُ الْمُبْتَدَأُ وَفِي الْمَشْتَاةِ مِنْ صِلَتِهِ وَمُتَمِّمٌ لَهُ" (٣).

قوله: الْوَارِشُ (٤) قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَيُقَالُ لَهُ: الرَّاشِنُ أَيْضًا وَالْعَامَّةُ تُسَمِّيهِ


(١) الحديث في سنن الدرامي، فضائل القرآن: ٢/ ٤٢٩.
(٢) أدب الكتاب: ١٦٣.
(٣) الاقتضاب: ٣/ ١٤٤.
(٤) أدب الكتاب: ١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>