للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهج الإعراب:

لقد اهتم الجذامي بالنحو والإعراب والصرف، وقد خاض في مسائل نحوية يقتضيها التفسير مما جعله يثير مجموعة من القضايا النحوية، ولتحليل آراء النحاة فيها التجأ إلى الإعراب وذلك لإبراز أقوال النحاة فيها وإبراز رأي المذهبين البصري والكوفي، وهكذا فقد أتى على إعراب بعض الآيات أو الأبيات الشعرية أو الجمل أو الألفاظ لتتبين كل المعاني فيأخذ بأصحها. وقد لاحظنا أن الإعراب كان سمة ثابتة لكل باب من أبواب كتاب "الانتخاب"، كقوله في إعراب الآية: ﴿إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ﴾ (١) "إنما تكون "ما" اسمًا في قراءة من قرأ ﴿كَيْدُ سَاحِرٍ﴾ بالرفع، وأما من نصب ﴿كَيْدُ سَاحِرٍ﴾ فإن "ما" في قراءته صلة، فكأن الذي كتب في "المصحف" إنما موصولة إنما كتبها على قراءة من نصب فلذلك وصلها" (٢). ومثال إعراب الشعر قوله: "في البيت: (طويل)

وَلَا تَنْكِحي إِنْ فَرْقَ الدَّهْرُ بَيْنَنَا

ويجوز خفض الوجه ونصبه ورفعه، فمن خفض جعل القفا في موضع خفض، ومن نصبه جعله في موضع نصب على التشبيه بالمفعول به على حد قولك: حسن الوجه. والكوفيون يجيزون نصبه على التمييز، ولا يجيزه البصريون؛ لأن التمييز عندهم لا يكون إلا نكرة. ومن رفع الوجه ففيه وجهان: أحدهما أن يكون القفا في موضع رفع الوجه عطف عليه. . ." (٣).

وقد برع الجذامي في إعراب الألفاظ براعة النحوي المحنك، إذ لم يدع بابًا من أبواب كتاب "الانتخاب" إلا وأعرب ما يراه قد أشكل حتى يوضح كل أوجه إعرابه.

ولم يخالف الجذامي منهجه هنا منهجه في "شرح مقامات الحريري"، وذلك لأنه ركز في شرح المقامات على شرح اللغة والغريب تركيزًا شديدًا،


(١) سورة طه: الآية ٦٩.
(٢) الانتخاب: ٦١٠.
(٣) الانتخاب: ٤٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>