على إنقاذ هذا الإرث وتقريب هذه الثروة من المهتمين بها بكافة الوسائل. ويأتي التحقيق في مقدمة الوسائل لإنجاز ذلك.
وقد انبرى لهذه المهمة الجليلة علماء أفذاذ من خيرة علماء هذه الأمة كانوا سبّاقين لهذا العلم، منهم: الأساتذة محمد شاكر، عبد السلام هارون، وغيرهما كثير ممن أيقنوا بسمو عملهم، ومنهم أساتذة أجلّاء من جامعاتنا المغربية قرروا التوجه نحو ميدان التحقيق، بمساعدة طلبة الجامعات الذين أسهموا في تحمُّل المسؤولية البحث في التراث.
ورغم ما علموه عن التحقيق من أنه أمر جليل، وعمل دؤوب، وأنه يحتاج من الجهد والعناية والبحث أكثر مما يحتاج إليه التأليف، فقد تقدموا ولم تثنهم العوائق في هذا السبيل، ونرجو أن ننال معهم أجر الاجتهاد، وأن يكون علمنا هذا لبنة في إقامة صرح تراثنا الذي كاد يضيع في أتون الحروب المعلنة والمبطنة ضد الحضارة الإسلامية ككل، والتراث المكتوب خاصة، ولا أدلّ على ذلك من حملات الإحراق التي استهدفت المخطوطات في الأندلس وغيرها على يد فئة من النصارى الحاقدين.
وهكذا فقد آمنا بجلالة ما أقدمنا عليه، فكانت الخطوة الأولى التي قمنا بها هي التعرُّف على المخطوطات في المكتبات بغية اختيار نموذج منها يستحق منّا الجهد الذي يبذل فيه، فكان أن يسّر الله لنا الزيارة الأولى لزاوية سيدي حمزة بإقليم الرشيدية أنا وصديقتي ورفيقة طريق البحث "أمينة بالعربي"، وكانت أول مرة أقف فيها بين رفوف المخطوطات وألمسها وأتصفحها.
إذاك أحسست بمسؤوليتي تجاه هذه المخطوطات، وهي وجوب إخراجها من هامش الإهمال والضياع إلى حيّز الطبع والتداول لينتفع بها الناس، فكانت الرحلة الثانية للزاوية، حيث استقبلنا القيم عليها في بيته، وكان لترحيبه بنا ومساعدة موظفي نظارة الأوقاف بمدينة الرشيدية وقع كبير في نفسي.
بعدها جاءت رحلتنا إلى مدينة تطوان، حيث زرنا الخزانة العامة بها، وكذا خزانة محمد داود الخاصة.
وبعدها رحلنا إلى مدينة الرباط حيث زرنا قسم الوثائق بالخزانة العامة