للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تلك الحالة. وإذا تصور عود الجمال والمنفعة بالإثبات لم يكن على القالع شيء، كما لو نبتت السن المقلوع، كما ذكره الزيلعي وغيره عن شيخ الإسلام) . (١)

ولكن المسألة عند الحنفية مفروضة في جناية الخطأ، كما رأيت في عبارة الإمام محمد والإمام السرخسي، ولهذا اكتفوا بذكر سقوط الأرش، ولم أجد في كتب الحنفية حكم العمد، وأنه هل يسقط القصاص عندهم فيه بإعادة العضو أولا؟ والظاهر أنه لا يسقط وإن أعاده المجني عليه إلى هيئته، وذلك لما ذكرنا في الحديث عن مذهب المالكية (فقرة ٨) من أن القصاص جزاء للاعتداء القصدي من الجاني، وهو واقع لا يزول بهذه الإعادة، فلما ذهب الحنفية إلى أن الأرش لا يسقط بها، فلأن لا يسقط بها القصاص أولى (٢)

نعم، ذكر الحنفية أن القصاص يسقط فيما إذا ثبتت سن المجني عليه بنفسها، ولكن لا يقاس عليه مسألة زرع العضو وإعادته، وذلك لأمرين: الأول أن العضو المزروع لا يكون في قوة النابت بنفسه، والثاني: أن نبت السن بنفسها ربما يدل على أن السن الأولى لم يقلعها الجاني من أصلها، فتصير شبهة في وجوب القصاص، بخلاف ما أعيد بعملية، فإنه ليس في تلك القوة، ولا يدل على أن الجاني لم يستأصله. فالظاهر أن إعادة العضو من قبل المجني عليه لا يسقط القصاص عند الحنفية أيضا كما لا يسقط عند المالكية.


(١) تبيين الحقائق للزيلعي: ٦/١٣٧، والبحر الرائق: ٨/٣٠٥، ورد المحتار لأبن عابدين: ٦/٥٨٥.
(٢) رد المحتار: ٦ /٥٨٥و ٥٨٦.

<<  <   >  >>