للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الجاني عليه، فأثبته، فثبت، لم يكن على الجاني أكثر من أن يبان منه مرة، وان سأل المجني عليه الوالي أن يقطعه من الجاني ثانية لم يقطعه الوالي للقود، لأنه قد أتى بالقود مرة إلى أن يقطعه لأنه ألصق به ميتة " (١)

فظهر أن الجاني لم يمنعه من ذلك، ولا يقطع عضوه مرة ثانية، لمخالفته لموجب القصاص. وأما ما ذكره الشافعي رحمه الله من الأمر بقطعه بسبب إلصاق الميتة فسيجيء الكلام على ذلك تحت المسألة الثالثة إن شاء الله تعالى.

وأما الحنابلة، فعندهم في هذه المسألة قولان، أحدهما موافق للشافعية، وجزم به ابن قدامة في المغني، فقال: "وإن قطع أذن إنسان، فاستوفي منه، فألصق الجاني أذنه، فالتصقت، وطلب المجني عليه إبانتها، لم يكن له ذلك، لأن الإبانة قد حصلت، والقصاص قد استوفي، فلم يبق له قبله حق ... والحكم في السن كالحكم في الأذن" (٢) وكذلك جزم القاضي أبو يعلى بأنه لا يقتص منه ثانيا. فقال رحمه الله:

"فإذا قطعنا بها أذن الجاني، ثم ألصقها الجاني، فإن قال المجني عليه: ألصق أذنه بعد أن أثبتها، أزيلوها عنه، قلنا: بقولك لا نزيلها، لأن القصاص وجب بالإبانة وقد وجد ذلك " (٣)


(١) . كتاب الأم للشافعي: ٦ /٢٥، وبمثله صرح النووي في روضة الطالبين: ٩ /١٩٧و١٩٨.
(٢) . المغني لابن قدامة: ٩/٤٢٣، ومثله في الشرح الكبير: ٩/٤٣١.
(٣) . كتاب الروايتين والوجهين:٢/٢٦٨، ثم تكلم هل يأمره الإمام بإزالتها لكونها نجسة؟ وسيأتي الكلام على ذلك في مسألة النجاسة إن شاء الله.

<<  <   >  >>