ذكر ابن الأنباري في نزهة الألباء، قال:(قدم أعرابيّ في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: من يقرئني شيئاً مما أنزل الله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم؟ فأقرأه رجل سورة براءة، فقرأ: (إن الله برئ من المشركين ورسوله) بجر اللام، فقال الأعرابي: أو قد برئ الله من رسوله؟ إن يكن الله تعالى برئ من رسوله فأنا أبرأ منه، فبلغ ذلك عمر فدعاه، فقال: يا أعرابي أتبرأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إني قدمت المدينة لا علم لي بالقرآن، فسألت من يقرئني؟ فأقرأني هذه السورة براءة، فقال:(إن الله برئ من المشركين ورسولِه) . فقلت: أو قد برئ الله تعالى من رسوله؟ إن يكن الله تعالى برئ من رسوله، فأنا برئ منه، فقال عمر - رضي الله عنه -: ليست هكذا يا أعرابي، فقال: كيف هي يا أمير المؤمنين؟ فقال:(إن الله برئ من المشركين ورسولُه) بالرفع. فقال الأعرابي: أنا والله أبرأ ممن برئ الله ورسوله منهم، فأمر رضي الله عنه أن لا يقرئ القرآن إلا عالم باللغة العربية) (١) .
من خلال هذه الرواية ندرك مدى ارتباط القراءة بسلامة اللغة، ذلك أن الأعرابي بفطرته وسليقته أدرك وجه القراءة الخاطئة من الصائبة.
[الفرق بين القرآن والقراءة]
يتساءل كثير من الناس: ما الفرق بين القراءة والقرآن؟ ودار حول هذا الموضوع مناقشات ومناظرات، قديماً وحديثاً. فتعددت الأقوال في ذلك، وسأجمل ما قاله العلماء في قولين مشهورين:
القول الأول: وهو رأي مكي بن أبي طالب القيسي (ت ٤٣٧ هـ) ، وبدر الدين الزركشي (ت ٧٩٤ هـ) ، وهو التفريق بين القراءة والقرآن. مع اختلاف في وجهات النظر.
فيرى مكي أن التفريق بين القراءة والقرآن له شروط، فإن كانت القراءة: