حجر أمه, تعجز الملوك أن تؤدب أولادها أدبه في نفسه, ما سمعت منه كلمة فاضلة إلا أحتاج مستمعها إلى إثباتها عنه ولا رأيته ضاحكا يقهقه, ولقد كان إذا أخذ في ذكر المعاد أقول ترى في المجلس قلب لم يبكِ.
قال أيوب بن سويد: خرج الأوزاعي في بعث إلى اليمامة فقال له يحيى بن أبي كثير: بادر إلى البصرة؛ لتدرك الحسن وابن سيرين, قال: فانطلقت فإذا الحسن قد مات، وعدت ابن سيرين وهو مريض. وقال الهقل: أجاب الأوزاعي في سبعين ألف مسألة. وقال إسماعيل بن عياش: سمعتهم يقولون سنة أربعين ومائة: الأوزاعي اليوم عالم الأمة. وقال الخريبي: كان الأوزاعي أفضل أهل زمانه. قلت: وكان يصلح للخلافة فقال أبو إسحاق الفزاري: لو خيرت لهذه الأمة لاخترت لها الأوزاعي قال بشر بن المنذر: رأيت الأوزاعي كأنه عمي من الخشوع وكان الوليد يقول: ما رأيت أكثر اجتهادا في العبادة منه وقال أبو مسهر: كان الأوزاعي يحيي الليل صلاة وقرآنا وبكاء.
الوليد بن مزيد سمعت الأوزاعي يقول: إذا أراد الله بقوم شرا فتح عليهم الجدل ومنعهم العمل. وقال عمرو بن أبي سلمة سمعت الأوزاعي يقول: أريت كأن ملكين عرجا بي إلى الله فأوقفاني بين يديه فقال: أنت عبدي عبد الرحمن الذي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. قلت: بعزتك ربي, فرداني إلى الأرض.
وقال محمد بن كثير المصيصي سمعت الأوزاعي يقول: كنا -والتابعون متوافرون- نقول: إن الله تعالى فوق عرشه ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته قال الحاكم: الأوزاعي إمام عصره عموما وإمام أهل الشام خصوصا وقال الوليد بن مزيد: مولد الأوزاعي ببعلبك ومنشؤه بالكرك قرية بالبقاع ثم نقلته أمه إلى بيروت سمعته يقول: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس, وإياك ورأي الرجال وإن زخرفوه بالقول فإن الأمر ينجلي وأنت على طريق مستقيم.
قال عامر بن يساف سمعت الأوزاعي يقول: إذا بلغك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حديث فإياك أن تقول بغيره فإنه كان مبلغا عن الله. قال أبو إسحاق الفزاري عن الأوزاعي كان يقول: خمسة كان عليها الصحابة والتابعون لزوم الجماعة, واتباع السنة, وعمارة المساجد والتلاوة, والجهاد.
وقال بن شابور سمعت الأوزاعي يقول: من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام. وعن الأوزاعي: ما ابتدع رجل بدعة إلا سلب ورعه. قال الوليد بن مزيد: سمعت الأوزاعي يقول: كان يقال: "ويل للمتفقهين" لغير العبادة والمستحلين الحرمات بالشبهات.