للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

سفيان الرواسي الكوفي أحد الأئمة الأعلام ورواس بطن من قيس عيلان: ولد سنة تسع وعشرين ومائة. سمع هشام بن عروة والأعمش وجعفر بن برقان وإسماعيل بن أبي خالد وابن عون وابن جريج وسفيان والأوزاعي وخلائق. وعنه ابن المبارك مع تقدمه وأحمد وابن المديني ويحيى بن معين وإسحاق وزهير وابنا أبي شيبة وأبو كريب وعبد الله بن هاشم وعلي بن حرب وإبراهيم بن عبد الله القصار وأمم سواهم.

وكان أبوه على بيت المال, وأراد الرشيد أن يولي وكيعًا قضاء الكوفة فامتنع. قال يحيى بن يمان: لما مات سفيان جلس وكيع موضعه وقال القعنبي كنا عند حماد بن زيد فلما خرج وكيع قالوا: هذا راوية سفيان فقال: هذا إن شئتم أرجح من سفيان. وعن يحيى بن أيوب المقابري قال: ورث وكيع من أمه مائة ألف درهم.

الفضل بن محمد الشعراني سمعت يحيى بن أكثم قال: صحبت وكيعا في السفر والحضر فكان يصوم الدهر ليلة ويختم القرآن كل ليلة. قال يحيى بن معين: وكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه. وقال أحمد: ما رأيت أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع وقال يحيى: ما رأيت أفضل منه يقوم الليل ويسرد الصوم ويفتي بقول أبي حنيفة وكان يحيى القطان يفتي بقول أبي حنيفة أيضا وقال ابن المبارك رجل المصريين١ اليوم ابن الجراح.

قال سلم بن جنادة جالست وكيعًا سبع سنين فما رأيته بزق ولا مس حصاة ولا جلس مجلسه فتحرك ولا رأيته إلا مستقبل القبلة وما رأيته يحلف بالله.

قلت: ما فيه إلا شربة لنبيذ الكوفيين وملازمته له جاء ذلك من غير وجه عنه. قال يحيى بن معين: سأل رجل وكيعا أنه شرب نبيذا فرأى في النوم كأن من يقول له إنك شربت خمرا، فقال وكيع ذلك شيطان. قال إبراهيم بن شماس: لو تمنيت: كنت أتمنى عقل ابن المبارك وورعه، وزهد ابن فضيل ورقته، وعبادة وكيع وحفظه، وخشوع عيسى بن يونس، وصبر حسين الجعفي.

ثم قال: كان وكيع أفقه الناس. وقال مروان بن محمد الطاطري ما رأيت أخشع من وكيع, وما وصف لي أحد إلا ورأيته دون الصفة إلا وكيع فإني رأيته فوق ما وصف لي. قال سعيد بن منصور قدم وكيع مكة وكان سمينا فقال له الفضيل بن عياض: ما هذا السمن


١ في تاريخ بغداد "رجل المصرين يعني وكيعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>