وقد بقي من حفاظ هذه الطبقة طائفة تأخروا فذكروا في الطبقة الآتية.
وكان في زمان هؤلاء خلائق من أصحاب الحديث ومن أئمة المقرئين كورش -واليزيدي والكسائي وإسماعيل بن عبيد الله المكي القسط. وخلق من الفقهاء كفقيه العراق محمد بن الحسن وفقيه مصر عبد الرحمن بن القاسم. وخلق من مشايخ القوم كشقيق البلخي، وصالح المري الواعظ، والفضيل المذكور. والدولة لهارون الرشيد والبرامكة. ثم بعدهم اضطربت الأمور وضعف أمر الدولة بخلافة الأمين رحمه الله فلما قتل واستخلف المأمون على رأس المائتين نجم التشيع وأبدى صفحته وبزغ فجر الكلام وعربت حكمة الأوائل ومنطق اليونان وعمل رصد الكواكب ونشأ للناس علم جديد مرد مهلك لا يلائم علم النبوة ولا يوافق توحيد المؤمنين قد كانت الأمة منه في عافية وقويت شوكة الرافضة والمعتزلة وحمل المأمون المسلمين على القول بخلق القرآن ودعاهم إليه فامتحن العلماء فلا حول ولا قوة إلا بالله إن من النبلاء أن تعرف ما كنت تنكر وتنكر ما كنت تعرف وتقدم عقول الفلاسفة ويعزل منقول أتباع الرسل ويماري في القرآن ويتبرم بالسنن والآثار. وتقع في الحيرة فالفرار قبل حلول الدمار وإياك ومضلات الأهواء ومجاراة العقول ومن يعتصم بالله قد هدى إلى صراط مستقيم.