في شوالها فمكثت بها سنة وحججت ورجعت إلى الأندلس في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
قلت: قرأ بالروايات على عبد العزيز بن جعفر الفارسي وغيره بقرطبة، وعلى أبي الحسن بن غلبون وخلف بن خاقان المصري وأبي الفتح فارس بن أحمد, وسمع من أبي مسلم الكاتب وهو أكبر شيخ له وأحمد بن فراس العبقسي وعبد الرحمن بن عثمان القشيري وحاتم بن عبد الله البزاز وأحمد بن فتح بن الرسان وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس المصري وأبي الحسن علي بن محمد القابسي وخلق كثير بالحجاز ومصر والمغرب والأندلس، تلا عليه خلق منهم أبو الدؤاد مفرج الإقبالي وأبو داود بن نجاح وأبو الحسين بن التنار وأبو الحسن بن الدوش، وحدث عنه خلق كثير منهم خلف بن إبراهيم الطليطلي.
قال أبو محمد بن عبيد الله الحجري الحافظ: أبو عمرو الداني ذكر بعض الشيوخ أنه لم يكن في عصره ولا بعد عصره أحد يضاهيه في حفظه وتحقيقه وكان يقول: ما رأيت شيئًا قط إلا كتبته ولا كتبته إلا حفظته ولا حفظته فنسيته. قال ابن بشكوال: كان أبو عمرو أحد الأئمة في علم القراءات ورواياته وتفسيره ومعانيه وطرقه وإعرابه، وجمع في ذلك كله تواليف حسانًا، وله معرفة بالحديث وطرقه وأسماء رجاله، وكان حسن الخط والضبط من أهل الحفظ والذكاء والتفنن، وكان أديبًا فاضلًا ورعًا سنيًّا. وقال المغامي: كان أبو عمرو مجاب الدعوة مالكي المذهب. وقال الحميدي: محدث مكثر ومقرئ متقدم. قلت: إلى أبي عمرو المنتهى في إتقان القراءات، والقراء خاضعون لتصانيفه واثقون بنقله في القراءات والرسم والتجويد والوقف والابتداء وغير ذلك، وله مائة وعشرون مصنفًا.
روى عنه بالإجازة رجلان: أحمد بن محمد بن عبد الله الخولاني وأبو العباس أحمد بن عبد الملك بن أبي حمزة، وقد استوفيت أخباره في تاريخ القراء وفي تاريخي الكبير، وكانت وفاته بدانية في نصف شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة، رحمة الله عليه. وقع لنا القراءات من طريقه تلاوة وسماعًا.
١٠٠٧- ٦/١٤- السّمَّان الحافظ الكبير المتقن, أبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسين بن زنجويه الرازي: سمع عبد الرحمن بن محمد بن فضالة وأبا طاهر المخلص وأحمد بن
١٠٠٧- النجوم الزاهرة: ٥/ ٥١. طبقات الحفاظ: ٤٣٠. شذرات الذهب: ٣/ ٢٧٣. هدية العارفين: ١/ ٢١٠. الرسالة المستطرفة: ٥٩.