روى عنه عبد الخالق بن أحمد اليوسفي وابن صابر الدمشقي وأخوه وأحمد بن خلف الإشبيلي القاضي والحسن بن علي القرطبي وأبو بكر محمد بن عبد الله ابن الجد الفهري ومحمد بن إبراهيم بن الفخار ومحمد بن يوسف بن سعادة ومحمد بن علي الكتامي ومحمد بن جابر الثعلبي ونخبة بن يحيى الرعيني والحافظ أبو القاسم السهيلي وعبد المنعم بن يحيى بن الحلوف الغرناطي وعلي بن أحمد بن لبال الشريشي وخلق كثير، وآخر من روى عنه بالإجازة في سنة ست عشرة وستمائة أبو الحسن علي بن أحمد الشقوري وأحمد بن عمر الخزرجي التاجر، وقد سمع بمكة من أبي عبد الله الحسين الطبري وأدخل الأندلس علمًا شريفًا وإسنادًا منيفًا، وكان متبحرًا في العلم ثاقب الذهن عذب العبارة موطأ الأكناف كريم الشمائل كثير الأموال، ولي قضاء إشبيلية فحمد وأجاد السياسة وكان ذا شدة وسطوة ثم عزل فأقبل على التصنيف ونشر العلم، أثنى عليه ابن بشكوال بأكثر من هذا وقال: أخبرني أنه رحل إلى المشرق سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وسمعت بإشبيلية منه وقرطبة كثيرًا.
وقال غيره: كان أبوه من علماء الوزراء فصيحًا مفوهًا شاعرًا ماهرًا اتفق موته بمصر في أول سنة ثلاث وتسعين فرجع ولده أبو بكر إلى الأندلس وكان أبو بكر أحد من بلغ رتبة الاجتهاد فيما قيل. قال ابن النجار: حدث ببغداد بيسير، وصنف في الحديث والفقه والأصول وعلوم القرآن والأدب والنحو والتواريخ، واتسع حاله وكثر إفضاله ومدحته الشعراء وعلى إشبيلية سور أنشأه من ماله.
وذكره أبو يحيى أليسع بن حزم وبالغ في تعظيمه وتقريظه قال: فولي القضاء فمحن، وجرى في إعراض الإمارة فلحق وأصبح تتحرك بآثاره الألسنة، ويأتي بما أجراه القدر عليه النوم والسنة، وما أراد إلا خيرًا نصب الشيطان عليه شباكه وسكن الإدبار حراكه، فأبداه للناس صورة تذم وسوءة تبلى لكونه تعلق بأذيال الملك ولم يجر مجرى العلماء في مجاهرة السلاطين وحربهم بل داهن، ثم انتقل إلى قرطبة معظمًا مكرمًا حتى حول إلى العدوة فقضى نحبه.
قرأت بخط ابن مسدي في معجمه: أنا أحمد بن محمد بن مفرج البناني سمعت الحافظ ابن الجد وغيره يقولون: حضر فقهاء إشبيلية أبو بكر بن المرجي وفلان وفلان حضر معهم ابن العربي فتذاكروا حديث المغفر فقال ابن المرجي: لا يعرف إلا من حديث مالك عن الزهري؛ فقال ابن العربي: قد رويته من ثلاث عشرة طريقًا غير طريق مالك؛ فقالوا: أفدنا هذا؛ فوعدهم ولم يخرج لهم شيئًا وفي ذلك يقول خلف بن حبر الأديب:
يا أهل حمص ومن بها أوصيكم ... بالبر والتقوى وصية مشفق