للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه.

١١٣٥- ١٤/١٨- الكلاعي الإمام الحافظ العالم البارع محدث الأندلس وبليغها, أبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم بن حسان الحميري الكلاعي البلنسي: ولد سنة خمس وستين وخمسمائة، قال أبو عبد الله الأبار: سمع ببلنسية أبا العطاء بن نذير وأبا الحجاج بن أيوب وارتحل فسمع أبا القاسم بن حبيش وأبا بكر بن الجد وأبا عبد الله بن زرقون وأبا عبد الله بن الفخار وأبا محمد بن عبيد الله وأبا محمد بن بونة وأبا الوليد بن رشد وأبا محمد بن الفرس وأبا عبد الله بن عروس وأبا محمد بن جهور ونجبة بن يحيى وخلقًا سواهم، وأجاز له أبو العباس بن مضا وأبو محمد عبد الحق الأزدي صاحب الأحكام وآخرون، وعني أتم عناية بالتقييد والرواية وكان إمامًا في صناعة الحديث بصيرًا به حافظًا حافلًا عارفًا بالجرح والتعديل ذاكرًا للمواليد والوفيات يتقدم أهل زمانه في ذلك وفي حفظ أسماء الرجال خصوصًا من تأخر زمانه وعاصره، كتب الكثير وكان خطه لا نظير له في الإتقان والضبط مع الاستبحار في الأدب والاشتهار بالبلاغة فردًا في إنشاء الرسائل مجيدًا في النظم خطيبًا فصيحًا مفوهًا مدركًا حسن السرد والمساق لما يقوله مع الشارة الأنيقة والزي الحسن، وهو كان المتكلم عن الملوك في زمانه في المجالس المبين عنهم لما يريدونه على المنبر في المحافل، ولي خطابة بلنسية في أوقات.

وله تصانيف مفيدة في فنون عديدة، ألف كتاب "الاكتفاء في مغازي المصطفى والثلاثة الخلفاء" في أربع مجلدات، وله مؤلف حافل في معرفة الصحابة والتابعين لم يكمله، وكتاب "مصباح الظلم" بشبه الشهاب، وكتاب "أخبار البخاري"، وكتاب "الأربعين" وغير ذلك، وإليه كانت الرحلة للأخذ عنه، انتفعت به في الحديث كل الانتفاع, أخذت عنه كثيرًا.

قلت: حدث عنه أبو العباس أحمد بن الغماز قاضي تونس وطائفة. قال ابن مسدي: لم ألق مثله جلالة ونبلا ورئاسة وفضلا وكان إمامًا مبرزًا في فنون من منقول ومعقول ومنثور وموزون جامعًا للفضائل، برع في علوم القرآن والتجويد، أما الأدب فكان ابن بجدته وأبا نجدته, وهو ختام الحفاظ ندب لديوان الإنشاء فاستعفي، أخذ القراءات عن أصحاب ابن هذيل وارتحل واختص بأبي القاسم بن حبيش بمرسية, أكثرت عنه.

قال الأبار: كان رحمه الله تعالى أبدًا يحدثنا أن السبعين منتهى عمره رؤيا رآها, وهو


١١٣٥- التكملة للمنذري: جـ٣ الترجمة: ٢٧٧. العبر: ٥/ ١٣٧، ١٣٨. النجوم الزاهرة: ٦/ ٢٩٨. شذرات الذهب: ٥/ ١٦٤. الرسالة المستطرفة: ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>