وخرج وألف وعمل تاريخًا للأندلسيين ذيل به على الصلة لابن بشكوال، وأفاد الناس في القراءات وعللها ومعرفة طرقها، وأحكم العربية وتصدر مدة وتخرج به الأصحاب، أخذ عنه الإمام أبو حيان النحوي وأبو القاسم محمد بن محمد بن سهل وأبو عبد الله محمد بن القاسم بن رمان وأبو عبد الله بن المرابط النازل ببيت المقدس وصاحبنا أبو القاسم بن عمران الحضرمي السبتي وعدة، ورأيت إجازته بالسبع لابن سهل وقد صدرها بخطبة فائقة الحسن من إنشائه، توفي سنة ثمان وسبعمائة بغرناطة.
وفيها توفي بقية المسندين أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين السلمي بن الموازيني بدمشق عن أربع وتسعين سنة، والمعمرة المسندة أم عبد الله فاطمة بنت سليمان بن عبد الكريم الأنصاري المقرئ بدمشق وقد اشرفت على التسعين، والمسند جمال الدين أحمد بن إسماعيل بن عبد القوي بن عزون بمصر له سماع في سنة خمس وعشرين وستمائة، ومسند العراق شيخ المستنصرية شرف الدين إسماعيل بن علي بن الطبال الأزجي وله سبع وثمانون سنة ونصف، والمسند جمال الدين إبراهيم بن علي بن محمد بن أحمد بن حمزة بن الحبوبي الثعلبي بمصر، والإمام محدث القاهرة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن سامة الطائي المقدسي الحنبلي كهلا، وشيخ القراء جمال الدين إبراهيم بن غالي البدوي الحميري بدمشق عن نحو من ستين سنة، والمسند شهاب بن علي المحسني صاحب ابن رواح، والمسند فخر الدين يوسف بن أحمد بن عيسى المشهدي الصوفي كهلا بمصر، وأم عمر خديجة بنت عمر بن أحمد بن أبي جرادة بحماة عن بضع وثمانين سنة.
وقد قل من يعتني بالآثار ومعرفتها في هذا الوقت في مشارق الأرض ومغاربها على رأس السبعمائة، أما المشرق وأقاليمه فغلق الباب وانقطع الخطاب والله المستعان، وأما المغرب وما بقي من جزيرة الأندلس فيندر من يعتني بالرواية كما ينبغي فضلا عن الدراية.