للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الناس حظا في باب التقوى والخشية لله ﷿* وهذا احسن ما للعلماء في وجه الجمع بين الأحاديث التي سقناها * واما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم أن اوليائى يوم القيمة المتقون من كانوا وقوله صلى الله تعالى عليه وسلم إنما ولي الله وصالح المؤمنين فلا ينفى نفع رحمه واقاربه* وكذلك قوله صلى الله تعالى عليه وسلم من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه لعل المراد والله تعالى أعلم لم يسرع به إلى اعلاء الدرجات فلا ينافى حصول النجاة* وبالجملة فباب الفضل واسع* ومع هذا فإن الله تعالى يغار لانتهاك حرماته ونبينا صلى الله تعالى عليه وسلم عبد الله تعالى لا يملك إلا ما ملكه مولاه* ولا ينال جميع ما تمناه* إلا أن يشاء الله* الا ترى إلى قوله تعالى ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ وقوله تعالى ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ فليس يعلم كل شخص أنه يشفع فيه وإن كان أحب الناس إليه * ورتبته قريبة لديه* فهذا أبو طالب الذى نصر* رسول الله * وايده وآواه * مع أنه صنو أبيه* وكافله ومربيه * فهل نفعه ذلك* ونجاه من المهالك * وهذا نوح * الذى هو أبو الانام* قال له تعالى في ابنه ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾ * فالكل تحت مشيئة الله تعالى ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ ولهذا كان صلى الله تعالى عليه وسلم أشد الناس خوفا من ربه تعالى* واعظمهم له مهابة واجلالا* وكذلك كان أصحابه الاطهار* واتباعهم الابرار * فهذا عمر بن الخطاب الذي جهز جيوش المسلمين* ونصر شوكة الموحدين * وفتح البلاد* وقهر أهل العناد* وبشره الصادق بالجنة * واسباغ الخير والمنة* ومع هذا قال ليت أم عمر لم تلد عمر* وقال لا آمن مكر الله فلم يتكل على ذلك كله* فإن الناجى منا قليل إذا عاملنا تعالى بعدله* فلا يغتر ذو نسب بنسبه* ويجعله اقوى سببه* فإنه صلى الله تعالى عليه وسلم حاز القدح المعلى* والمقام الأعلى* بمعرفة حقوق الربوبية * والقيام بما تستحقه من العبودية* فليعلم أنه لا نسبة عنده صلى الله تعالى عليه وسلم بين السيدة فاطمة التى هى فلذة كبده الطاهر* ومقام الرب ﷿ العلى القاهر* فيحب ما يحبه مولاه * ويسخط لما يسخط خلقه وسواه* وإن كان أحب الناس إليه بل يكون ذلك* سببا لانسلاخ محبته إياه. فإن الله تعالى أحب واعز واجل واكبر من كل شيء عنده * كما لا يخفى على من له أدنى تمييز فضلا عن ذوى الافهام* وفى انصرافه صلى الله تعالى عليه وسلم عمن لم يمتثل ما جاء به* وإن كان اخص اقاربه* على ذلك أعظم شاهد * واكبر سند وعاضد* فكيف يظن أحد من ذوى النسب* إذا انتهك

<<  <   >  >>