للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في شرح التحرير (لكن) ذكر بعده عن الإمام أبي بكر البليغي في الدرر أن الاختلاف في الرواية عن أبي حنيفة من وجوه (منها) الغلط في السماع كأن يجيب بحرف النفى إذا سئل عن حادثة ويقول لا يجوز فيشتبه على الراوى فينقل ما سمع (ومنها) أن يكون له قول قد رجع عنه ويعلم بعض من يختلف إليه رجوعه فيروى الثانى والآخر لم يعلمه فيروى الأول (ومنها) أن يكون قال أحدهما على وجه القياس والآخر على وجه الاستحسان فيسمع كل واحد أحدهما فينقل كما سمع (ومنها) أن يكون الجواب في مسئلة من وجهين من جهة الحكم ومن جهة الاحتياط فينقل كل كما سمع انتهى (قلت) فعلى ما عدا الوجه الأول يكون الاختلاف في الروايتين من جهة المنقول عنه أيضًا لابتناء الاختلاف فيهما على اختلاف القولين المرويين فيكونان من باب واحد ويؤيده أن ناقل الروايتين قد يكون واحدًا فإن إحدى الروايتين قد تكون في كتاب من كتب الأصول والأخرى في كتب النوادر بل قد يكون كل منهما في كتب الاصول والكل من جمع واحد وهو الإمام محمد رحمه الله تعالى وهذا ينافي الوجه الأول ويبعد الوجه الثاني فالاظهر الاقتصار على الوجهين الاخيرين لكن لا في كل فرع اختلفت فيه الرواية بل بعض ذلك قد يكون لأحدهما والبعض الآخر للآخر لكن هذا إنما يتأتى فيما يصلح أن يكون فيه قياس واستحسان أو احتياط وغيره نعم يتأتى الوجهان الاولان فيما إذا اختلف الراوى (وقد) يقال أن من وجوه الاختلاف أيضًا تردد المجتهد في الحكم لتعارض الادلة عنده بلا مرجح أو لاختلاف رأيه في مدلول الدليل الواحد فإن الدليل قد يكون محتملًا لوجهين أو أكثر فيبنى على كل واحد جوابا ثم قد يترجح عنده أحدهما فينسب إليه ولهذا تراهم يقولون قال أبو حنيفة كذا وفي رواية عنه كذا وقد لا يترجح عنده أحدهما فيستوى رأيه فيهما ولذا تراهم يحكون عنه في مسئلة القولين على وجه يفيد تساويهما عنده فيقولون وفي المسئلة عنه روايتان أو قولان وقد قدمنا عن الإمام القرافي أنه لا يحل الحكم والافتاء بغير الراجح لمجتهد أو مقلد إلا إذا تعارضت الأدلة عند المجتهد وعجز عن الترجيح أي فإن له الحكم بايهما شاء لتساويهما عنده وعلى هذا فيصح نسبة كل من القولين إليه لا كما يقوله بعض الاصوليين من أنه لا ينسب إليه شيء منهما وما يقوله بعضهم من اعتقاد نسبة أحدهما إليه لأن رجوعه عن الآخر غير معين اذ الفرض تساويهما في رأيه وعدم ترجح أحدهما على الآخر نعم إذا ترجح عنده أحدهما مع عدم اعراضه عن الآخر ورجوعه عنه ينسب إليه الراجح عنده ويذكر الثاني رواية

<<  <   >  >>