للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنه اما لو اعرض عن الآخر بالكلية لم يبق قولا له بل يكون قوله هو الراجح فقط لكن لا يرتفع الخلاف في المسئلة بعد الرجوع كما قاله بعض الشافعية وايده بعضهم بان أهل عصر إذا اجمعوا على قول بعد اختلافهم فقد حكى الاصوليون قولين في ارتفاع الخلاف السابق فما لم يقع فيه اجماع أولى (لكن) ما ذكر في كتب الاصول عندنا من أنه لا يمكن أن يكون للمجهتد قولان كما مر ينافي ذلك لانه مبنى فيما يظهر على ما ذكروا في تعارض الادلة أنه إذا وقع التعارض بين آيتين يصار إلى الحديث فإن تعارض فالى أقوال الصحابة فإن تعارضت فالى القياس فإن تعارض قياسان ولا ترجيح فإنه يتحرى فيهما ويعمل بشهادة قلبه فإذا عمل بأحدهما ليس له العمل بالآخر إلا بدليل فوق التحرى قالوا وقال الشافعى يعمل بايهما شاء من غير تحر ولهذا صار له في المسئلة قولان وأكثر واما الروايتان عن أصحابنا في مسئلة واحدة فإنما كانتا في وقتين فاحداهما صحيحة دون الأخرى لكن لم تعرف المتأخرة منهما انتهى وعلى هذا فما يقال فيه عن الإمام روايتان فلعدم معرفة الأخير وما يقال فيه وفي رواية عنه كذا اما لعلمهم بأنها قوله الأول أو لكون هذه الرواية رويت عنه في غير كتب الأصول وهذا أقرب لكن لا يخفى أن ما ذكروه في بحث تعارض الادلة مشكل لانه يلزم منه أن يكون ما فيه روايتان عن الإمام لا يجوز فيه العمل بواحدة منهما لعدم العلم بالصحيحة من الباطلة منهما وانه لا ينسب إليه شيء منهما كما مر عن بعض الأصوليين مع أن ذلك واقع في مسائل لا تحصى ونراهم يرجحون إحدى الروايتين على الأخرى وينسبونها إليه فالذي يظهر ما مر عن الإمام البليغي من بيان تعدد الاوجه في اختلاف الرواية عن الإمام مع زيادة ما ذكرناه من تردده في الحكمين واحتمال كل منهما في رأيه مع عدم مرجح عنده لأحدهما من دليل أو تحر أو غيره فتأمل (ثم) لا يخفى أن هذا الوجه الذي قلناه أكثر اطرادا من الاوجه الأربعة المارة في اختلاف الروايتين لشموله ما فيه استحسان أو احتياط وغيره (إذا تقرر ذلك فاعلم) أن الإمام أبا حنيفة رحمه الله تعالى من شدة احتياطه وورعه وعلمه بإن الاختلاف من آثار الرجة قال لأصحابه ان توجه لكم دليل فقولوا به فكان كل يأخذ برواية عنه ويرجحها كما حكاه في الدر المختار وفي الولوالجية من كتاب الجنايات قال أبو يوسف ما قلت قولا خالفت فيه أبا حنيفة إلا قولا قد كان قاله وروى عن زفر انه قال ما خالفت أبا حنيفة في شيء إلا قد قاله ثم رجع عنه فهذا إشارة إلى انهم ما سلكوا طريق الخلاف بل قالوا ما قالوا عن اجتهاد ورأى اتباعا لما قاله استاذهم أبو حنيفة انتهى (وفى) آخر الحاوى القدسي

<<  <   >  >>