وإذا اخذ بقول واحد منهم يعلم قطعا أنه يكون به آخذا بقول أبي حنيفة فإنه روى عن جميع أصحابه من الكبار كابي يوسف ومحمد وزفر والحسن انهم قالوا ما قلنا في مسئلة قولا إلا وهو روايتنا عن أبي حنيفة واقسموا عليه إيمانًا غلاظنا فلم يتحقق اذن في الفقه جواب ولا مذهب الاله كيف ما كان وما نسب إلى غيره الا بطريق المجاز للموافقة انتهى (فإن قلت) إذا رجع المجتهد عن قول لم يبق قولا له لانه صار كالحكم المنسوخ كما سيأتى وح فما قاله أصحابه مخالفين له فيه ليس مذهبه بل صارت أقوالهم مذاهب لهم فكيف تنسب إليه والحنفى إنما قلد أبا حنيفة ولذا نسب إليه دون غيره (قلت) قد كنت استشكلت ذلك واجبت عنه في حاشيتي رد المحتار على الدر المختار بان الإمام لما أمر أصحابه بان يأخذوا من اقواله بما يتجه لهم منها الدليل عليه صار ما قالوه قولا له لابتنائه على قواعده التي اسسها لهم فلم يكن مرجوعا عنه من كل وجه ونظير هذا ما نقله العلامة البيرى في أول شرحه على الاشباه عن شرح الهداية لابن الشحنة الكبير والد شارح الوهبانية وشيخ ابن الهمام ونصه إذا صح الحديث وكان على خلاف المذهب عمل بالحديث ويكون ذلك مذهبه ولا يخرج مقلده عن كونه حنفيا بالعمل به فقد صح عن أبي حنيفة أنه قال إذا صح الحديث فهو مذهبي وقد حكى ذلك الإمام ابن عبد البر عن أبي حنيفة وغيره من الأئمة انتهى ونقله أيضًا الإمام الشعراني عن الأئمة الأربعة (قلت) ولا يخفى ان ذلك لمن كان اهلا للنظر في النصوص ومعرفة محكمها من منسوخها فإذا نظر أهل المذهب في الدليل وعملوا به صح نسبته إلى المذهب لكونه صادرا بإذن صاحب المذهب اذ لا شك أنه لو علم بضعف دليله رجع عنه واتبع الدليل الاقوى ولذا رد المحقق ابن الهمام على المشايخ حيث افتوا بقول الامامين بأنه لا يعدل عن قول الإمام إلا لضعف دليله (واقول) أيضًا ينبغى تقييد ذلك بما إذا وافق قولا في المذهب اذ لم يأذنوا في الاجتهاد فيما خرج عن المذهب بالكلية مما اتفق عليه ائمتنا لان اجتهادهم اقوى من اجتهاده فالظاهر انهم رأوا دليلا ارجح مما رآه حتى لم يعملوا به ولهذا قال العلامة قاسم في حق شيخه خاتمة المحققين الكمال بن الهمام لا يعمل بابحاث شيخنا التي تخالف المذهب وقال في تصحيحه على القدورى قال الإمام العلامة الحسن بن منصور بن محمود الاوزجندى المعروف بقاضي خان في كتاب الفتاوى رسم المفتي في زماننا من أصحابنا إذا استفتى عن مسئلة ان كانت مروية عن أصحابنا في الروايات الظاهرة بلا خلاف بينهم فإنه يميل إليهم ويفتى بقولهم ولا يخالفهم برأيه وإن كان مجتهدا متقنا لان الظاهر أن يكون الحق مع أصحابنا ولا يعدوهم واجتهاده لا يبالغ اجتهادهم ولا ينظر إلى قول من خالفهم ولا تقبل حجته أيضًا