للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإمام والمراد بالاهلية هنا أن يكون عارفا مميزا بين الاقاويل له قدرة على ترجيح بعضها على بعض ولا يصير اهلا للفتوى ما لم يصر صوابه أكثر من خطأه لأن الصواب متى كثر فقد غلب ولا عبرة في المغلوب بمقابلة الغالب فإن امور الشرع مبنية على الاعم الاغلب كذا في الولوالجية. وفى مناقب الكردري قال ابن المبارك وقد سئل متى يحل للرجل أن يفتى ويلى القضاء قال إذا كان بصيرا بالحديث والرأى عارفا بقول أبي حنيفة حافظا له وهذا محمول على إحدى الروايتين عن أصحابنا وقبل استقرار المذهب اما بعد التقرر فلا حاجة إليه لانه يمكنه التقليد انتهى هذا آخر كلام البحر (أقول) ولا يخفى عليك ما في هذا الكلام من عدم الانتظام ولهذا اعترضه محشيه الخير الرملى بان قوله يجب علينا الافتاء بقول الإمام وإن لم نعلم من اين قال مضاد لقول الإمام لا يحل لاحد أن يفتى بقولنا حتى يعلم من اين قلنا اذ هو صريح في عدم جواز الافتاء اغير أهل الاجتهاد فكيف يستدل به على وجوبه فنقول ما يصدر من غير الاهل ليس بافتاء حقيقة وإنما هو حكاية عن المجتهد أنه قائل بكذا وباعتبار هذا الملحظ تجوز حكاية قول غير الإمام فكيف يجب علينا الافتاء بقول الإمام وإن افتى المشايخ بخلافه ونحن إنما نحكي فتواهم لا غير فليتأمل انتهى (وتوضيحه) ان المشايخ اطلعوا على دليل الإمام وعرفوا من اين قال واطلعوا على دليل أصحابه فيرجحون دليل أصحابه على دليله فيفتون به ولا يظن بهم انهم عدلوا عن قوله لجهلهم بدليله فانا نراهم قد شحنوا كتبهم بنصب الادلة ثم يقولون الفتوى على قول أبي يوسف مثلا وحيث لم نكن نحن اهلا للنظر في الدليل ولم نصل إلى رتبتهم في حصول شرائط التفريع والتأصيل فعلينا حكاية ما يقولونه لأنهم هم اتباع المذهب الذين نصبوا أنفسهم لتقريره وتحريره باجتهادهم (وانظر) إلى ما قدمناه من قول العلامة قاسم أن المجتهدين لم يفقدوا حتى نظروا في المختلف ورجحوا وصححوا إلى أن قال فعلينا اتباع الراجح والعمل به كما لو افتوا في حياتهم (وفى) فتاوى العلامة ابن الشلبي ليس للقاضى ولا للمفتى العدول عن قول الإمام إلا إذا صرح أحد من المشايخ بان الفتوى على قول غيره فليس للقاضى أن يحكم بقول غير أبي حنيفة في مسئلة لم يرجح فيها قول غيره ورجحوا فيها دليل أبي حنيفة على دليله فإن حكم فيها فحكمه غير ماض ليس له غير الانتقاض انتهى (ثم اعلم) أن قول الإمام لا يحل لاحد أن يفتى بقولنا الخ يحتمل معنيين (أحدهما) أن يكون المراد به ما هو المتبادر منه وهو انه إذا ثبت عنده مذهب امامه في حكم كوجوب الوتر مثلا لا يحل له أن يفتى بذلك حتى يعلم دليل امامه ولاشك أنه على هذا خاص

<<  <   >  >>