للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبدنية محضة كالصلاة والصيام والاعتكاف وقراءة القرآن والاذكار ومركبة منهما كالحج فإنه مالى من حيث اشتراط الاستطاعة ووجوب الجزاء بارتكاب محظوراته وبدنى من حيث الوقوف والطواف والسعي كذا في شرح الكنز لفخر الدين الزيلعي * وقال الإمام حافظ الدين النسفي في الكنز النيابة تجرى في العبادات المالية عند العجز والقدرة ولم تجر في البدنية بحال وفى المركب منها تجرى عند العجز فقط والشرط العجز الدائم إلى وقت الموت * قال الإمام الزيلعي لأن المقصود في المالية سدخلة المحتاج وذلك يحصل بفعل النائب كما يحصل بفعله ويحصل به تحمل المشقة بإخراج المال كما يحصل بفعل نفسه فيتحقق معنى الابتلا فيستوى فيه الحالتان * ولا تجرى في البدنية بحال من الاحوال لأن المقصود منها اتعاب النفس الامارة بالسوء طلبا لمرضاته تعالى لأنها انتصبت لمعاداته تعالى ففى الوحى (عاد نفسك فإنها انتصبت لمعاداتي) وذلك لا يحصل بفعل النائب اصلا فلا تجرى فيها النيابة لعدم الفائدة * وفى المركب من المالى والبدنى تجرى النيابة عند العجز لحصول المشقة بدفع المال ولا تجرى عند القدرة لعدم اتعاب النفس عملا بالشبهين بالقدر الممكن انتهى (اقول) وحيث علمت مما قدمناه أن النيابة تجرى في الحج دون الاستئجار علمت أن النيابة اسهل من الاستئجار وحيث لم تجر النيابة في العبادات البدنية المحضة علمت أنه لا يجرى فيها الاستئجار من باب أولى وإن الاستئجار عليها محظور الا عند الضرورة فقد اشتهر أن الضرورات تبيح المحظورات وإذا جاز الاستئجار للضرورة فيما وجدت فيه الضرورة من الصور المتقدمة فلا يلزم منه جواز النيابة فيما لا ضرورة فيه ولهذا الطبق الأئمة على أنه لا يصلى أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد إذا كان حيا وكذا إذا كان ميتا عندنا فلا يجوز الاستئجار على ذلك أيضًا من طريق أولى * نعم يجوز أن يجعل ثواب عمله لغيره تبرعا بلا استنابة في غير الحج والاستئجار قال في الهداية الأصل في هذا أي في جواز الحج عن الغير أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة او غيرها * قال الشارح كتلاوة القرآن والاذكار عند أهل السنة والجماعة يعنى به أصحابنا على الإطلاق لما روى أن النبي ضحى بكبشين املحين أحدهما عن نفسه والآخر عن امته ممن اقرّ بوحدانية الله تعالى وشهد له بالبلاغ جعل تضحية إحدى الشاتين لامته أي ثوابها انتهى * وقال شارحها الكمال بن الهمام أن الإمام مالكا والشافعي رحمهما الله تعالى لا يقولان بوصول العبادات البدنية المحضة كالصلاة والتلاوة ويقولان بوصول غيرها كالصدقة والحج وخالف في كل العبادات

<<  <   >  >>