للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعموم هذه البلية، كون معظم ما لنا او كله، مجموعا من غير طريق حله، (وفى) هذه الوصايا زيادة على ما ذكرته من الشناعات، اعتقاد المنكر من أعظم القربات، وكثيرا ما يكون الحامل عليها بعض الورثة والاقارب، مع ما يترتب عليها من المثالب، من أخذ اموال اليتامى القاصرين، وفقراء الورثة المحتاجين، فإن هذه الوصية حيث كانت باطلة، ونحورها من زينة الصحة عاطلة، يكون مرجعها إلى التركة، وحقوق الورثة فيها مشتركة، ومع ما يترتب عليها كثيرا من الجلوس في بيوت الايتام، واستعمال اوعيتهم وفرشهم والأكل والشراب الحرام، مع قطع النظر عما يكون كثيرا في حالة الذكر، المطلوب فيه جمع الفكر، مما يسمونه بالسماع والكوشت والحربية، ونحو ذلك مما يراعون فيه الأعمال المويسيقية، المشتمل على التلحين والتمطيط والرقص والاضطراب، والاجتماع بحسان المرد والغناء المحرم المهيج لشهوات الشباب، فإن ذلك قد نص أئمتنا الثقات، على أنه من المحرمات، وكتبنا (١) مشحونة بذلك، فليراجعها مريد التيقن بما هنالك، فقد اقاموا الطامة الكبري على فاعليها، وصرحوا بكفر مستحلبها، (ولا كلام) لنا مع الصدق من ساداتنا الصوفية، المبرئين عن كل خصلة ردية، (فقد) سئل امام الطائفتين سيدنا الجنيد (٢) ان اقواما يتواجدون ويتمايلون، فقال دعوهم مع الله


(١) وممن ذكر بعض ذلك الإمام جاز الله الزمخشرى في الكشاف في تفسير قوله تعالى ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾ منه.
(٢) وبمثل ما ذكره الإمام الجنيد أجاب العلامة النحرير ابن كمال باشا لما استفتى عن ذلك حيث قال "شعر"
ما في التواجد ان حققت من حرج … ولا التمايل أن اخلصت من بأس
فقمت تسعى على رجل وحق لمن … دعاه مولاه أن يسعى على الراس
الرخصة فيما ذكر من الاوضاع، عند الذكر والسماع، للعارفين الصارفين اوقاتهم إلى احسن الأعمال، السالكين المالكين لضبط أنفسهم عن قبائح الاحوال، فهم لا يستمعون الا من الاله، ولا يشتاقون الاله، ان ذكروه ناحوا، وإن شكروه باحوا، وإن وجدوه صاحوا، وإن شهدوه استراحوا، وإن سرحوا في حضرات قربه ساحوا، إذا غلب عليهم الوجد بغلباته، وشربوا من موارد اراداته، فهم من طرقته طوارق الهيبة فخر وذاب، ومنهم من برقت له بوارق اللطف فتحرك وطاب، ومنهم من طلع عليهم الحب، من مطالع القرب، فسكر وغاب، هذا ما عن لي في الجواب، والله أعلم بالصواب، شعر، (٣)

<<  <   >  >>