للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التعاملين اللذين لا ثالث لهما (ومن) الاشياء التى غابت عنك ان العرف انما يعتبر إذا لم يخالف النص كما قاله ابو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وعليه الفتوى كما نصوا عليه فى باب الربا وغيره (وذكر) الامام فخر الدين الزيلعي في باب الاجارة الفاسدة عند قول الكنز وان آجر دارا كل شهر بكذا صح في شهر فقط الا ان يسمى الكل ما نصه ولا معنى لقول من قال من المشايخ ان العقد صحيح في الشهر الثاني والثالث لتعامل الناس لان التعامل اذا كان مخالفا للدليل لا يعتبر انتهى (وقد) اسمعناك في المقدمة النصوص على خلاف هذا العرف وسقنا لك من بعدها نصوص ائمة المذهب على بطلانه ورده وبينا لك ما استثناه المتأخرون مخالفين فيه النصوص لاجل الضرورة التى لولاها لم يستثنوا شيئًا منها (فهل) يسوغ لعاقل ان يقول ان العرف يصلح دليلا لمسئلتنا حتى يقول له الظلمة والفسقة اذن يجوز لنا فعل ما نحن عليه مما تعامله الناس من قديم الزمان من الظلم والمعاصى المألوفة للتعامل الذي جعلته دليلا وان خالف النصوص (فان قلت) هذا ابو يوسف قاضي المشرق والمغرب الذي تسلم انت وكل احد اجتهاده وعلمه وورعه قد نقلوا عنه في الربا مسئلة اعتبر فيها العرف مع مخالفته النص وهى انهم قالوا في الاشياء الستة الربوية المنصوص في الحديث الصحيح على ان بعضها كيلى وبعضها وزنى لو تغير العرف عما كان في زمنه وصار يباع ما كان كيليا بالوزن او بالعكس لا يعتبر ذلك ولا يصح بيعها الا كما كان فى زمنه عملا بالنص وخالف ابو يوسف وقال يعتبر العرف (قلت) نعم قال ذلك ولكن بناء على ان المراد من الحديث انما هو ضبط التساوى فى الاشياء (*) الستة المنصوصة ولما كان في زمنه بعضها مكيل وبعضها موزون جاء تخصيص بعضها بالكيل وبعضها بالوزن بناء على ما كان اذ ذاك لان ضبط التساوى في ذلك الزمن كان بذلك فلو تغير العرف وصار ما يكال موزونا او بالعكس يعتبر ذلك الحصول المراد من الحديث وهو ضبط التساوى فى الستة باى معيار كان من المعيارين وهذا في الحقيقة ونفس الأمر ليس عملا بالعرف المخالف للنص بل هو تأويل للنص كما لا يخفى على ان المفتى به خلاف ما قاله فلو باع الحنطة بجنسها متساويا وزنا والذهب بجنسه متساويا كيلا لا يجوز عندهما وان تعارفوا ذلك خلافا لابي يوسف لتوهم حصول التفاضل لو بيع بالمعيار المنصوص عليه كما لو باع مجازفة فانه لا يجوز لتوهم الفضل كما فى الهداية


(*) الاشياء الستة هى البر والشعير والتمر والملح والذهب والفضة فقد نص على ان الاربعة الاول كيلية وان الآخرين وزنية منه.

<<  <   >  >>