وكل عاقد يحمل على عادته في خطابه ولغته التي يتكلم بها وافقت لغة العرب ولغةِ الشارع أولا ولا خلاف أن من وقف على صلاة أو صيام أو قرأة أو جهاد غير شرعي لم يصيح والله تعالى أعلم.
(قلت) وإذا كان المعنى كما ذكر فما كان من عبارة الوقف من قبيل المفسر لا يحتمل تخصيصا ولا تأويلا يعمل به وما كان من قبيل الظاهر كذلك وما احتمل وفيه قرينة حمل عليها وما كان مشتركا لا يعمل به لأنَّه لا عموم له (أي للمشترك) عندنا ولم يقع فيه نظر لمجتهد ليرجح أحد مدلوليه وكذلك ما كان من قبيل المجمل إذا مات الواقف وإن كان حيا يرجع إلى بيانه هذا معنى ما أفاده والله تعالى أعلم انتهى كلام العلامة قاسم رحمه الله تعالى فانظر إلى قوله وكل عاقد يحمل على عادته في خطابه ولغته الخ وإذا كان كذلك فهو من قبيل المفسر الذى لا يحتمل تخصيصا ولا تأويلا (وفى) البحر من كتاب القضا عن السيوطي عن فتاوى السبكى ان قضاء القاضي ينقض عند الحنفية إذا كان حكما لا دليل عليه وما خالف شرط الواقف فهو مخالف للنص وهو حكم لا دليل عليه سواء كان نصه في الوقف نصا أو ظاهرا انتهى قال صاحب البحر وهذا موافق لقول مشايخنا كغيرهم شرط الواقف كنص الشارع فيجب اتباعه كما في شرح المجمع للمصنف اهـ (وفى) البحر من كتاب القضا أيضًا أن المرأة تصلح شاهدة في الأوقاف كما تصلح ناظرة اهـ وقد ذكر ذلك بحثا ورده في النهر بقوله أن عرف الواقفين مراعى ولم يتفق تقرير أنثى شاهدة في الوقف في زمن ما فيما علمنا فوجب صرف ألفاظه إلى ما تعارفوا وإذا كان هذا المعنى لم يخطر ببال واقف ولم يسر ذهنه إليه وإنما أراد من الشاهد الكامل فكيف يصرف لفظة إلى غير مراده وقد قال شيخ الإسلام عبد البر في شرح الوهبانيه ينبغى ترجيح رواية دخول أولاد البنات فيما لو وقف على ذريته لأن عرفهم عليه لا يعرفون غيره ولا يسرى إلى أذهانهم غالبا سواه فاعتبر عرفهم وقال فيما لو وقف على ولده وولد ولده ينبغي أن تصحيح رواية دخول أولاد البنات أيضًا قطعا لأن فيها نص محمد عن أصحابنا وقد انضم إلى ذلك أن الناس في هذا الزمان لا يفهمون سوى ذلك ولا يقصدون غيره وعليه عملهم وعرفهم انتهى وهذا برهان لما ادعيناه فوجب الحكم بمقتضاه وإذا عرف هذا فتقريرها في شهادة وقف ابتداء غير صحيح والله تعالى الموفق انتهى كلام النهر.
(قلت) وهو برهان أيضًا لما ادعيناه فوجب الحكم بمقتضاه مع أن دخول أولاد البنات خلاف ظاهر الرواية فحيث رجح خلاف ظاهر الرواية عن أئمة المذهب بالعرف على ما هو ظاهر الرواية عنهم يكون العرف مرجحا في مسئلتنا بالاولى فإنها لم يتعارض فيها قولان عن أئمة المذهب بل لو فرضنا أن ظاهر الرواية في مسئلتنا جل الفريضة