ابن زمعة في ذلك مشهور والقرائن مع النص لا تعتبر* وكذا لو كتب بخطه صكا بمال عليه لزيد فادعى زيد بما في الصك فأنكر المال لا يثبت عليه وإن أقر بأن الخط خطه كما صرحوا به لان حجج الاثبات ثلاثة البينة والإقرار والنكول عن اليمين والخط ليس واحدا منها وخطه وإن كان ظاهرا في صدق المدعى لكن الظاهر يصلح للدفع لا للاثبات على انه كثيرا ما يكتب الصك قبل أخذه المال* وكذا لو شهد الشاهدان بخلاف ما قامت عليه القرينة فالمعتبر هو الشهادة ما لم يكذبها الحس كما لو شهدا بأن زيدا قتل عمرا ثم جاء عمرو حيا أو ان الدار الفلانيه أجرة مثلها كذا وكل من رآها يقول ان اجرتها أكثر* وقد يتفق قيام قرينة على امر مع احتمال غيره احتمالا قريبا كما لو راي حجرا منقورا على باب دار كتب عليه وقفية الدار لا يثبت كونها وقفا بمجرد ذلك كما صرحوا به لاحتمال ان من بناها كتب ذلك واراد ان يقفها ثم عدل عن وقفها أو مات قبله أو وقفها لكن استحقها مستحق اثبت انها ملكه أو كانت تهدمت واستبدلت أو لم يحكم حاكم بوقفها فحكم آخر بصحة بيعها أو غير ذلك الاحتمالات الظاهرة التي لا يثبت معها نزع الدار من المتصرف بها تصرف الملاك من غير منازع مدة مديدة فانهم صرحوا بأن التصرف القديم من اقوى علامات الملك وقال الامام أبو يوسف في كتاب الخراج وليس للامام ان يخرج شيئا من يد أحد إلا بحق ثابت معروف انتهى فلذا كان الحكم بالقرائن محتاجا إلى نظر سديد * وتوفيق وتأييد* وعن هذا قال بعض العلماء المحققين لابد للحاكم من فقه في احكام الحوادث الكلية وفقه في نفس الواقع واحوال الناس يميز به بين الصادق والكاذب والمحق والمبطل ثم يطابق بين هذا وهذا فيعطى الواقع حكمه من الواجب ولا يجعل الواجب مخالفا للواقع انتهى* وكذا المفتي الذي يفتى بالعرف لابد له من معرفة الزمان واحوال اهله ومعرفة ان هذا العرف خاص أو عام وانه مخالف للنص أو لا ولابد له من التخرج على استاذ ماهر ولا يكفيه مجرد حفظ المسائل والدلايل فإن المجتهد لابد له من معرفة عادات الناس كما قدمناه فكذا المفتى ولذا قال في آخر منية المفتى لو ان الرجل حفظ جميع كتب اصحابنا لابد ان يتلمذ للفتوى حتى يهتدى إليها لان كثيرا من المسائل يجاب عنه على عادات أهل الزمان فيما لا يخالف الشريعة انتهى وقريب منه ما نقله في الأشباه عن البزازية من ان المفتى يفتى بما يقع عنده من المصلحة (وقال) في فتح القدير في باب ما يوجب القضاء والكفارة من كتاب الصوم عند قول الهداية ولو أكل لحما بين اسنانه لم يفطر وإن كان كثيرا يفطر وقال زفر يفطر في الوجهين انتهى ما نصه والتحقيق ان المفتى في الوقائع