الكبير للسرخسى لو وجد مع مسلم خمر وقال اريد تحليله أو ليس لي فإن كان دينا لا يتهم خلى سبيله لان ظاهر حاله يشهد له والبناء على الظاهر واجب حتى يتبين خلافه اهـ وامثال ذلك من المسائل التي عملوا فيها بالعرف والقرائن ونزل ذلك منزلة النطق الصريح اكتفاء بشاهد الحال عن صريح المقال واليه الإشارة بقوله تعالى (ان في ذلك لايات للمتوسمين) وقوله تعالى (وشهد شاهد من اهلها ان كان قميصه الآية)(وذكر) العلامة المحقق أبو اليسر محمد بن الغرس في الفواكه البدريه في الفصل السادس في طريق القاضي إلى الحكم ان من جملة طرق القضاء القرائن الدالة على ما يطلب الحكم به دلالة واضحة بحيث تصيره في حيز المقطوع به فقد قالوا لو ظهر إنسان من دار ومعه سكين في يده وهو متلوث بالدماء سريع الحركة عليه اثر الخوف فدخلوا الدار في ذلك الوقت على الفور فوجدوا بها انسانا مذبوحا بذلك الحين وهو ملطخ بدمائه ولم يكن في الدار غير ذلك الرجل الذي وجد بتلك الصفة وهو خارج من الدار يؤخذ به وهو ظاهر إذ لا يمترى أحد في انه قاتله والقول بأنه ذبح نفسه أو ان غير ذلك الرجل قتله ثم تسور الحائط فذهب احتمال بعيد لا يلتفت إليه إذ لم ينشأ عن دليل انتهى (فإن قلت) العرف يتغير ويختلف باختلاف الازمان فلو طرأ عرف جديد هل للمفتى في زماننا ان يفتى على وفقه ويخالف المنصوص في كتب المذهب وكذا هل للحاكم الآن العمل بالقران (قلت) مبنى هذه الرسالة على هذه المسألة فاعلم ان المتأخرين الذين خالفوا المنصوص في كتب المذهب في المسائل السابقة لم يخالفوه إلا لتغير الزمان والعرف وعلمهم ان صاحب المذهب لو كان في زمنهم لقال بما قالوه (١) مما يستخرج به الحق من ظالم أو يدفع دعوى متعنت ونحوه بعدم سماع دعواه أو بحبسه أو نحوه ولكن لابد لكل من المفتى والحاكم من نظر سديد* واشتغال مديد ومعرفة بالاحكام الشرعية والشروط المرعية* فإن تحكيم القرائن غير مطرد إلا ترى لو ان مغربيا تزوج بمشرقية وبينهما أكثر من ستة أشهر فجاءت بولد لستة أشهر ثبت نسبه منه لحديث الولد للفراش مع ان تصور الاجتماع بينهما بعيد جدا لكنه ممكن بطريق الكرامة أو الاستخدام فإنه واقع كما في فتح القدير وكذا لو ولدت الزوجة ولدا اسود وادعاه رجل اسود يشبه الولد من كل وجه فهو لزوجها الابيض ما لم يلاعن وحديث
(١) وقد سمعناك ما فيه الكفاية من اعتبار العرف والزمان واختلاف الاحكام باختلافه فللمفتى الآن ان يفتى على عرف أهل زمانه وإن خالف زمان المتقدمين وكذا للحاكم العمل بالقرائن في امثال ما ذكرناه حيث كان امرا ظاهر منه.