وتحقيق هذا المجموع فيما ذكره الإيمان شمس الأئمة السرخسي- رحمه الله- فقال: إن وجوب الإيمان بالله تعالى في الحقيقة بإيجاب الله تعالى، وسبب الإيجاب في الظاهر الآيات الدالة على حدث العالم لمن وجب عليه، وهذه الآيات غير موجبة بذاتها، وعقل من وجب عليه غير موجب عليه أيضًا، ولكن الله تعالى هو الموجب بأن أعطاه آلة يستدل بتلك الآلة على معرفة الواجب، كم يقول لغيره: هاك السراج، فإن أضاء لك به الطريق فاسلكه كان الموجب للسلوك في الطريق هو الأمر بذلك لا الطريق بنفسه ولا السراج، فالعقل بمنزلة السراج، والآيات الدالة على حدث العالم بمنزلة الطريق والتصديق من العبد والإقرار بمنزلة السلوك في الطريق فهو واجب بإيجاب الله تعالى حقيقة، وسببه الظاهر الآيات الدالة على حدث العالم، ولهذا تسمى علامات، فإن العلم للشيء لا يكون موجبًا لنفسه.
وقوله:(ولا وجود لمن هو أهله على ما أجرى به سنته إلى والسبب يلازمه) يعني أنا لله تعالى خلق العالم دالًا على وجوده لكون الحدوث لازمًا للعالم بحيث يستحيل تعري العالم عنا لحدوث؛ لأن تعري الشيء عن ذاته محال وذات العالم حادث، فكيف يتصور تعرية عن الحدوث؟ يوضحه أن الإنسان الذي هو عالم بنفيه لا يخلو عن دليل الحدوث، إذ هو كان مسبوقًا