للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: ((لما فيها من محض الإلزام)) أي إلزامًا وتوكيدًا، وقوله: ((لما فيها من محض الإلزام)) احتراز عن النوع الأول وهو حقوق الله تعالى من العبادات، فإن الأخبار بحقوق الله تعالى من العبادات إلزامًا أيضًا ولكن ليس هو بخالق للإلزام؛ لأن الإلزام الخاص هو أن يلزم غيره من غير لزوم عليه، وليس الأخبار في العبادات كذلك؛ لأن المخبر بأخباره في الواجبات من العبادات كما يلزم غيره موجب الخبر فيحب هو عليه أيضًا فلم يكن إلزامًا خالصًا، وإنما الإلزام الخالص في الشهادات حيث يوجب على المدعى عليه موجب خبره من غير أن يلزم هو عليه، وحاصله أن في الأخبار بحقوق الله تعالى من العبادات التزامًا وإلزامًا، وأن في الشهادات إلزامًا خاليًا عن الالتزام، فكان خالصًا في الإلزام لا محالة، فلذلك سماه محض الإلزام لخلوه عن شائبة الالتزام.

فكذلك قوله: (لما يخاف من وجوه التزوير والتلبيس صيانة للحقوق المعصومة) للفرق بين هذا وبين النوع الأول.

إلى هذا الذي ذكرت أشار الإمام المحقق شمس الأئمة السرخسي- رحمه الله- فقال: ولان الخصومات إنما تقع باعتبار الهمم المختلفة للناس، والمصير إلى التزوير والاشتغال بالحيل والأباطيل فيها ظاهر، فجعلها الشرع حجة بشرط زيادة العدد وتعيم لفظ الشهادة تقليلًا لمعنى الحيل والتزوير فيها بحسب وسع القضاة، وليس هذا نظير القسم الأول، فإن السامع هناك حاجته إلى الدليل ليعمل به لا إلى رفع دليل مانع، وخبر الواحد باعتبار

<<  <  ج: ص:  >  >>