للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واجتهاده، فصار ذلك بمنزلة عمل عمله باجتهاده وقت حياة النبي عليه السلام، ثم نزل نص بخلافه لا يكون دليل بطلان عمله؛ لأن ذلك النص لم يكن موجودًا وقت اجتهاده وإنما حدث بعده.

وأما الاجتهاد في زماننا فإنه إذا وجد نص بخلافه ينتقض ما عمله بالاجتهاد؛ لأن النص المقتضي لبطلانه كان موجودًا وقت اجتهاده فيبطل ما عمله باجتهاده؛ لأن شرط الاجتهاد وهو عدم النص لم يكن موجودًا وقت عمله بالاجتهاد، والتقصير إنما وقع منه حيث لم يطلب النص حق الطلب، فكان هذا بمنزلة من تحري في ثوبين له أحدهما نجس والآخر طاهر وهو لا يجد ثوبًا فإنه يصير إلى التحري بتحقق الضرورة، وإذا صلى بأحدهما بتحريه ثم علم أن النجس كان هو يعيد ما صلى.

وذكر الإمام شمس الأئمة- رحمه الله- هنا بطريف السؤال والجواب فقال: فإن قيل: أليس أنه لو تحرى عند اشتباه القبلة وصلى صلاة إلى جهة ثم وقع تحريه على جهة أخرى يجوز له أن يصلي في المستقبل إلى الجهة الثانية ولم يجعل ذلك دليلًا على أن جهة القبلة ما أدى إليه اجتهاده في الابتداء؟

قلنا: لأن هناك الحكم بجواز الصلاة إلى تلك الجهة لا يتضمن الحكم بكونها جهة الكعبة لا محالة.

ألا ترى أنه وإن تبين له الخطأ بيقين بأن استدبر الكعبة جازت صلاته، وفي الثوب من ضرورة الحكم بجواز الصلاة في ثوب الحكم بطهارة ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>