وأما قولك: تقسيم الخبر بخبر الواحد والمشهور والمتواتر: إنما يستقيم بعد وفاة النبي عليه السلام لا وقت حياته فهو غير مسلم، فإن أخباره كانت منقسمة على هذه الأقسام الثلاثة وقت حياته أيضا لكن لكون ذلك الوقت وقت جواز النسخ يثبت النسخ بخبر الواحد. إلى هذا كله أشار الإمام شمس الأئمة- رحمه الله- حيث قال: ثم إنما يجوز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة أو المشهورة على وجه لو جهل التاريخ بينهما يثبت حكم التعارض.
فأما خبر الواحد فلا يجوز النسخ به بعد رسول الله عليه السلام؛ لأن التعارض به لا يثبت بينه وبين الكتاب، فإنه لا يعلم بأنه كلام رسول الله عليه السلام لتمكن الشبهة في طريق النقل، ولهذا لا يوجب العلم فلا تتبين به مدة بقاء الحكم الثابت بما يوجب علم اليقين.
فأما في حياة رسول الله عليه السلام فقد كان يجوز أن يثبت نسخ الكتاب بخبر الواحد.
ألا ترى أن أهل قباء تحولوا في خلال الصلاة من جهة بيت المقدس إلى جهة الكعبة بخبر الواحد ولم ينكر ذلك عليهم رسول الله عليه السلام، وهذا لأن في حال حياته كان احتمال النسخ فأما بعده فلا احتمال للنسخ ابتداء ولابد من أن يكون مما يثبت به النسخ مستندا إلى حال حياته بطريق لا شبهة فيه وهو النقل المتواتر، وما يكون في حيز المتواتر.
قلت: وبقوله: ولابد من أن يكون ما يثبت به النسخ مستندًا إلى حال