سورة الأحزاب كانت مثل سورة البقرة أو أطول منها" واستدل الشافعي بما هو قريب من هذا في عدد الرضعات، فإنه صحح ما يرويه عن عائشة رضي الله عنها: "وإن مما أنزل في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخن بخمس رضعات معلومات، وكان ذلك مما يتلى في القرآن بعد وفاة النبي عليه السلام"
قلت: يبطل تلك التمسكات كلها قوله تعالى: (إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ومعلوم أنه ليس المراد منه الحفظ لديه، فإن الله تعالى يتعالى من أن يوصف بالنسيان والغفلة، فعرفنا أن المراد الحفظ لدينا، فالغفلة والنسيان متوهم بنا، وبه ينعدم الحفظ إلا أن يحفظه الله عز وجل، ولأنه لا يخلو شيء من أوقات بقاء الخلق في الدنيا عن أن يكون فيما بينهم ما هو ثابت بطريق الوحي فيما ابتلوا به من أداء الأمانة التي حملوها. إذ العقل لا يوجب ذلك وليس به كفاية بوجه من الوجوه، وقد ثبت أنه لا ناسخ لهذه الشريعة بوحي ينزل بعد وفاة رسول الله عليه السلام، ولو جوزنا- هذا وهو الذهاب عن القلوب أو بموت العلماء- في بعض ما أوحي إليه وجب القول بتجويز