للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنى كقيمة الثوب تقوم مقام الثوب فيه المالية، وإن كانت لا تعادله في الصورة، فكذلك قيم جميع الأشياء، فالعين مع العرض لا يعتدلان في المعنى، لأن العين ما يستغني في وجوده عن المحل، والعرض ما يفتقر في وجوده إلى العين، وهو معنى قوله: (وبين العين والمنافع تفاوت في نفس الوجود)، لأنهما يتفاوتان في وجودهما بين السلب والإيجاب كما ذكرنا أن العين لا يفتقر إلى المحل في وجوده والعرض يفتقر، ولأن العين يبقى والعرض لا يبقى، فكان بينهما تفاوت فاحش فلا يمكن التعديل بينهما في المعاني، والقيمة عبارة عن اعتدال المعاني، وقد ثبت انتفاء الاعتدال بينهما بما ذكرنا، فكان ثبوت المالية والتقويم في المناع بالعقد حكمًا خاصًا ثبت بالنص غير قابل للتعديل.

فلذلك قلنا: إن تقومها في العقد لا يتعدى منه إلى الغصب فلم تضمن المنافع بالإتلاف والغصب، وهذا لأن تقومها في باب العقد للحاجة والضرورة وهو نظير حل الميتة عند المخمصة، فإن ثبوته لما كان بطريق الضرورة لم يجز تعليله لتعدية الحكم إلى محل آخر فكذلك ها هنا.

(فلا يصلح إبطال حكم الخصوص بالتعليل)، أي لما ثبت تقوم المنافع في باب العقد بطريق الخصوص لا يجوز إبطال خصوصيته بالتعليل بأن يقال لما ثبت تقوم المنافع في باب العقد يجب أن يثبت تقومها في باب العدوان، لأن ذلك أمر خاص بباب العقد فيبطل خصوصيته بالتعليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>