(وذلك أن المستثنى منه إنما يثبت على وفق المستثنى فيما استثني من النفي) يعني أن المستثنى منه إذا حذف في الكلام إنما يجعل المستثنى منه من جنس المستثنى فيما استثني من النفي، وإنما خص النفي لأن حذف المستثني منه في الكلام إنما يصح في النفي لا في الإثبات.
والفرق فيه هو أن موضع النفي موضع التعميم، وعن هذا قيل: النكرة في موضع النفي تعم وفي الإثبات تخص، ولما كان كذلك استقام حذف المستثني منه في موضع النفي لا في موضع الإثبات، لأن أعم العام إنما يقدر عنه الحذف، ويجب أن يكون ذلك الأعم من جنس المستثنى، وذلك صحيح في موضع النفي لا في الإثبات.
ألا ترى أنك لو قلت: جاءني إلا زيد يجب عليك أن تقدر جاءني جميع بني آدم إلا زيدًا. إذ في تقدير ما دونه ترجيح أحد المتساويين على الآخر وهو باطل، لأنه يلزم ترجيحه بلا مرجح، ومجيء جميع بنى آدم إليك محال بخلاف قولك: ما جاءني إلا زيد، فإنه صحيح مستقيم، لأن تقديره: ما جاءني بنو آدم إلا زيد، ولا كلام في صحته فكذا عند الخلف، فظهر من هذا أصلًا: أحدهما- أن المستثني منه يجب أن يكون من جنس المستثنى.