وقوله:(كالأثر المحسوس الدال على غير المحسوس) كأثر المشي على الأرض فإنه يدل على الماشي، وإن كان الماشي غائبًا غير محسوس، وكذا البناء يدل على أن بانيًا بناه، وكان الباني حيًا قادرًا على البناء وعالمًا به. يحكم بعقله على هذا بالقطع والبتات، وغن لم يكن رأي الباني فيكون في تيقنه أن باني هذا البناء كان موصوفًا بهذه الأوصاف كأنه راه.
وقوله:(فرقهم) جواب عما فرق أهل المقالة الأولي بقولهم: "بخلاف الشاهد لأنه يتوهم" إلى آخره. حيث جعلوا التزكية شرطًا لازمًا ولم يجعلوا العرض على الأصول في الوصف لازمًا بل جعلوا العرض للاحتياط للفرق الذي قالوا.
قلنا: هذا الفرق ليس بصحيح، لأن الوصف مع كونه ملائمًا يجوز أن يكون غير علة.
ألا ترى أن قولنا: إن الشيء لا يبقى مع فوات ركنه وصف ملائم موافق لتعليل السلف، ومع ذلك أنه غير علة في مسألة الصوم إذا أكل الصائم ناسيًا حيث بقي الصوم مع فوات ركنه حقيقة، لأن الشرع لم يجعل ذلك الوصف علة فوات الصوم، لما أن علل الشرع علل جعلية، وجاز له أن يجعل