بيان هذا أن الدليل الموجب للحكم لو كان يوجب بقاءه لما احتمل الزوال، كالحكم في حال ثبوته لا يحتمل السقوط؛ لما فيه من الإستحالة وهو وجود المتنافيين كالإيجاد لما كان يوجب الوجود لم يحتمل الفناء حال وجوده، وحيث صح الإفناء في الزمان الثاني علم أن الإيجاد لايوجب البقاء.
ولهذا لايجوز النسخ في حال ثبوت الحكم؛ لأن النسخ رفع وإبطال ورفع الشيء في حال ثبوته محال، وجاز النسخ في حال البقاء وقت حياة النبي عليه السلام؛ لما أن الأمر في حال حياة النبي عليه السلام، فإن البقاء بدليله وهو تقرير النبي عليه السلام على ذلك على ماقال عليه السلام:"الحلال ماجرى على لساني إلى يوم القيامة، والحرام ماجرى على لساني إلى يوم القيامة".
ولأن كون النبي عليه السلام خاتم النبيين ثبت بدليل قطعي، والنسخ إنما يثبت بالوحي، ولا وحي بعده فلا يثبت النسخ أيضا بالدليل القطعي، فكان البقاء ثابتا بالدليل سوى الدليل الموجب للحكم.
وأما الجواب عن فصل الطهارة وأخواتها: إن حكم الطهارة وأخواتها مؤبد، ولهذا لا يصح توقيته.
فإنه إذا اشترى على أن يثبت الملك له سنة أو سنتين لا يجوز، وكذلك في النكاح، إلا أنه يحتمل السقوط بطريق المعاارضة على سبيل المناقضة؛ إذ المعارضة على نوعين: