نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) فقد علم الله تعالى رسوله مطالبة النافي بإقامة البرهان وهو اسم للدليل الوجودي، وذلك تنصيص على أن قولهم:"لا دليل" لا يكون حجه.
وأما ما قالوا من مسألة المدعي والمنكر فهو دليلنا، فإن الشارع لم يجعل مجرد إنكار المدعي عليه حجه له على المدعي بوجه ما، حتى إنه بعدما حضر مرة وجحد وطلب المدعي من القاضي إحضاره مرة أخرى أحضره القاضي، وإذا طلب المدعي أن يكفله بنفسه أو بالعين الذي فيه الدعوى أجبره القاضي على ذلك، وإذا طلب يمينه حلفه على ذلك، فلو كان " لا دليل " حجة للنافي على خصمه أو بمنزلة الحجة له لم يبق للمدعي عليه سبيل بعد إنكاره.
فأما جعل الشرعه القول في المنكر، فذلك باعتبار دليل من حيث الظاهر وهو أن المدعي به عين في يده واليد دليل الملك ظاهرا، أو دين في ذمته وذمته بريئة ظاهرا، ومع هذا قوله: لا يكون حجمه على خصمه وإن حلف حتى لا يصير المدعي مقضيا عليه بشيء فإنه لو أتى ببينة بعد تحليف المدعي عليه جاز للقاضي أن يقضي له، ولكنه لا يعترض له ما لم يأت بحجة يثبت بها الحق عليه.
وأما ما ذكروا من النص فإن الله تعالى عالم بالأشياء كلها لا يعزب عنه مثقال ذرة ولا يخفي عليه خافية فإخباره أنه لا برهان لمن يدعي الشرك حصل