لا وقوف له على ما أراد بهذا اللفظ علماؤنا- رحمهم الله-، فقال إذا كان العمل بالاستحسان هو الأولى دون القياس كان القياس باطلًا في حق العمل بمقابلته، فبعد ذلك كيف يصح قولكم: القياس حجة؟
ورد هذا التشنيع بهذا فقال:"إن الاستحسان أحد القياسيين" لكن أحدهما أقوى من الآخر بقوة أثره، فالعمل بالأقوى لا يدل على أن الآخر ليس بحجة أصلًا. ألا ترى أن النصين إذا تعارضا وأحدهما أقوى لمعني فيه لكونه محكمًا أو مفسرًا فالعمل به أقوى، وهو لا يدل على أن الظاهر أو النص لا يكون حجة، ف كان عملنا في هذين القياسيين بمنزلته، فبطل تشنيع هذا المشنع، وتمام هذا يذكر ف ي آخر الباب.
(لكنه سمي استحسانًا إشارة إلى أنه الوجه الأولى في العمل به، وأن العمل بالآخر جائز كما جاز العمل بالطرد وإن كان الأثر أولى منه)، وهذا الذي ذكرنا إنما يتحقق فيما إذا عارض الاستحسان قياسًا في مسألة واحدة كان العمل بالاستحسان أولى، كما يقال: التوضؤ بسؤر الهرة جائز، والترك أولى، والعلم بالعلل الطردية جائزة، وإن كان العمل بالعلل المؤثرة أولى.
وهذا الذي ذكره هاهنا خلاف ما اختاره الإمام شمس الأئمة السرخسي