استحسانًا، ومعلوم أن عند قيام دليل المعارضة ترجيح الموجب للإسلام، وإن كن هو أضعف كالمولود بين كافر ومسلمة، وكيف يستحسن الحكم بالردة مع بقاء دليل موجب للإسلام، فعرفنا أن القياس متروك أصلًا في الموضع الذي يعمل فيه بالاستحسان، وإنما سميناهما تعارض الدليلين باعتبار أصل الوضع في كل واحد من النوعين، لا أن بينهما معارضة في موضع واحد، وعن هذا قال بعضهم بالتوفيق بينهما.
وأول ما ذكره فخر الإسلام- رحمه الله- فقال: لا تتعارض بين القياس والاستحسان في الحقيقة، لأن القياس أضعف والاستحسان أقوى، والأضعف لا يعارض الأقوى، فصار الأضعف بمنزلة المعدوم.
ويجوز أن يكون المصنف- رحمه الله- أراد بما ذكر:"أن العمل بالقياس جائز" أي عند سلامته عن معارضة الاستحسان، وعنى بالجائز الواجب، لأن القياس إذا انفرد عن معارضة الاستحسان كان العمل بالقياس واجبًا، وعنى بقوله: إلا أنه مقدم على القياس عند وجودهما، وكذلك هذا في الطرد مع الأثر، إذا لم يعرض الأثر الطرد يجوز العمل بالطرد عند العجز كما يجوز باستصحاب الحال عند الضرورة.