فإن قلت: يشكل على هذا قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} بعد قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وبعد الحرمة الغليظة ليس للزوجين أن يتراجعا، فلابد أن يكون هذا متصلًا بما قبله، وهو قوله تعالى:{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} فكان في هذا ترك العمل بالخاص الذي هو موجب الفاء حيث ترك وصله بما يليه.
قلت: لا كذلك، بل هذه الآية متصلة بما يليها، وهو قوله تعالى:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ} فإن المراد من قوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} الزوج الثاني أي فإن طلق الزوج الثاني بعد الدخول بها {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} أي فلا إثم على الزوج الأول والمرأة. كذا في "التيسير".
علم بهذا أن الفاء معمولة هاهنا أيضًا بحقيقتها وهي الوصل بما يليها.