(لأن الصنعة قائمة بذاتها من كل وجه) أي موجودة من كل وجه، ولا يراد بالقيام هاهنا ما يراد بقولهم: العين قائم بذاته، بل يراد ما يراد بقولهم العرض قائم بالعين أي موجود فيه، وبيان وجود الصنعة من كل وجه هو أن الثوب بعد الخياطة تغير هيئته واسمه المقصود منه، فتبدل الهيئة والاسم دليل على المغايرة صورة، وتبدل المقصود دليل على المغايرة معنى، وإذا ثبتت المغايرة صورة ومعنى إلى الثاني كان الثاني موجودا من كل وجه؛ إذ وجود الشيء الحادث إنما كان بصورته ومعناه.
فمن ضرورة ثبوت الثاني انعدام الأول؛ لاستحالة أن يكون الشيء الواحد شيئين، وإذا انعدام الأول بفعله صار ضامنا عليه وقد ملكه بالضمان.