للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حق الله تعالى حيث وقع القطع جزاء له، ومن هذا يظهر انتقال العصمة قبيل السرقة على ما ذكرناه حتى تكون الجناية واقعة على حقه؛ لأنه يكون حرامًا لمعنى في غيره وهو حق العبد، فتكون الحرمة حينئذ ناقصة فلا تكمل الجناية، فلا يجب الجزاء المطلق الكامل في نفسه بمقابلته.

(ولا عصمة إلا بكونه مملوكًا)؛ لأن شرط وجوب القطع أن يكون المسروق مملوكًا معصومًا حقًا للعبد، وإنما ينتقل من العبد إلى الله تعالى ضرورة وجوب القطع لما بينا من ذكر الجزاء المطلق إلى آخره، ولا يلزم من بطلان العصمة في حق العبد بطلان الملك؛ لأن الموجب لانتقال العصمة قد وجد، ولم يوجد ما هو موجب لبطلان الملك؛ لأنه يمكن أن يكون مملوكًا للعبد وإن لم يكن معصومًا له ويجب الحد مع ذلك، كما أن شرب الخمر مملوكًا لإنسان يجب الحد' ولا يصير كونه مملوكًا شبهة في درء الحد كما إذا شرب خمره فلا ضرورة في بطلان الملك، ثم قوله: "ولا عصمة إلا بكونه مملوكًا"؛ يتراءى أنه ينتقض بما إذا سرق مالًا موقوفًا يجب فيه القطع، وقد ثبت كونه معصومًا مع أنه غير مملوك.

علم بهذا أن قوله: "ولا عصمة إلا بكونه مملوكًا" مما لا يصح.

قلنا: لا ينتقض؛ لأن الموقوف مملوكًا عند بعض العلماء للموقوف عليه.

أو نقول: إنه يبقى على ملك الواقف حكما، ولهذا يرجع الثواب به.

<<  <  ج: ص:  >  >>